الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رضي الله عنه)

الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رضي الله عنه)




الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رحمه الله) ، من كبار علماء دين في الجزائر ، مفكر ، فقيه ،ومتكلم ، ومن العلماء الذين خاضوا تجربة التفسير أو ألقوا بأنفسهم في بحره الذي لاساحل له ورجعوا بدُرره ولآلئه ،ملآ بروحه وبعاداته ما يسر لهم الطفو فوق النقائض والأنقاض ، والعلو على المشارب والإتجاهات ،وعلى الأحزاب والتيارات ،وتقريب الحاضر من الماضي ،تثبيتا للمبادئ ،وترسيخا للمثل ، واستدعاء الماضي الى الحاضر ،في صورة استعاب وتمثل ،وفي شكل استدراك وتمدد إن على مستوى الشكل ،وان على مستوى المعنى تحقيقاً لسعة القرآن ورحابته ،وانجازاً لسنارهاته واستشرافاته ،أو استطلاعاته ونبوءاته .

هو من منطقة القبائل ، المعروفة بالزوايا العلمية العريقة ، والمشهورة بدورها التعليمي ،والتربوي ،وتوعوي ،البارزة بنشاطها الإجتماعي من خدمة المستضفين وايواء عابري السيبل ،وتربية اليتامى وتعليمهم ، والعامرة بالعلماء من فقهاء ومحدثدين ومتكلمين ومفسرين ومناطقة ولغويين ،يعتبره الجزائريون رمزا لهم ، شيد على مرقده الشريف مسجدا ،واقيمت به زاوية كبيرة ،لنشر المعارف الدينية ،ولايسعني إلا أن اشيد بمنطقة القبائل وبالجنس الأمازيغي الذي أبان خلالاً كريمة وخصلاً حميدة ،إن هؤلاء هم أكثر من خدمة اللغة العربية والدين الإسلامي الحنيف ،وثبتوا أوتاده في هذه الأرض الطيبة ،أكثر من ذلك استقبلوا آل البيت (رضي الله عنهم) ورحبوا بهم وحموهم حيث صاهروهم ارادة لإختلاط دمهم بدم هذا النسل الشريف وسيدوهم وملكوهم أمرهم ، ما أكرم هؤلاء الخلق وما أشرفهم ،وما أشد تعلقهم بالفضيلة ،إن منتهم على أهل هذه البلاد العظيمة ،وإن عطاءهم للإسلام ليسع ما بين السماء والأرض ،لله درهم ،اللهم أقدرنا على توفية هؤلاء الناس حقهم .

مولده :

ولد الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رضي الله عنه) سنة 786 هجري / 1384 ميلادي ، بوادي يسر بمدينة يسر ،الواقعة حاليا بولاية بومرداس ،و القريبة تبعد بخمس كيلومترات عن مدينة برج منايل شمال شرق الجزائر العاصمة ، حيث تبعد عنها بمسافة 62,3 كلم ، وهذه المدينة هي موطن آبائه وأجداده ،الثعالبة ، يقال عنهم ،أبناء ثعلب بن علي ، من عرب المعقل ،الجعافرة .

نسبه :

هو أبو زيد ،عبد الرحمان، بن محمد ،بن مخلوف ،بن طلحة ،بن عامر ، بن نوفل ،بن عامر ،بن موصور ،بن محمد، بن سباع ،بن مكي ،بن ثعلبة ،بن موسى ،بن سعيد ،بن مفضل ،بن عبد البر ،بن فيسي ،بن هلال ،بن عامر ،بن حسان ،بن محمد ،بن جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) المعروف بجعفر الطيار

النشأة والتكوين :

نشأ الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رحمه الله) في بيئة علم ودين وصلاح، استهل تعلمه على يدي علماء منطقته ،ثم انتقل و تكون في الجزائر العاصمة ،ثم قصد المغرب الأٌقصى ،بصحبة والده محمد بن مخلوف (رحمه الله) فتعلم أصول الدين وفروعه ،واهتم بعلم الفقه ، فأخذ عن العجيسي التلمساني ، المعروف بالحفيد ،وزار مدينة بجاية فمكث بها سنة ثم عاد إلى مسقط راسه بعد وفاة والده (رحمه الله) بعدها رجع الى مدينة (بجاية) فنزل بها سنة 802 هجري / 1399 ميلادي ، بقي بها حوالي السبع سنوات، و تعلم على أبو الحسن علي بن عثمان المانجلاتي ، وأبو الربيع سلمان بن الحسن ، وأبو العباس أحمد الناقوسي ، وأبو القاسم المشدالي ، وأبو زيد الوغليسي ، وغيرهم ،ثم هاجر إلى تونس سنة 809 هجري / 1406 ميلادي ، فتعلم على الأبي ، والبرزلي تلميذ بن عرفة ،ثم ارتحل إلى مصر ،سنة 819 هجري / 1414 ميلادي ،فلقي بها البلالي ، وأبا عبد الله الباسطي ، وولي الدين العراقي وغيرهم، بعدها انتقل إلى تركيا ، ومنها قصد الحجاز ،فأدى فريضة الحج ، واختلف إلى مجالس العلم هناك، ثم قفل راجعا إلى مصر ،واصل دراسته بها ، ومنها رجع إلى تونس مرة اخرى ، فوافى بها بن مرزوق الحفيد التلمساني، فلازمه وأخذ عنه الكثير ،ثم عاد بعد هذه الرحلة الطويلة في طلب العلم والمعرفة إلى الجزائر، فاهتم بالتأليف و صار يلقي دروسه بأكبر مساجد الجزائر آنذاك ، تخرج على يديه كثير من العلماء، من بينهم :

1- الشيخ محمد بن يوسف السنوسي
2- الشيخ أحمد الزروق
3- الشيخ محمد المغيلي التلمساني
4- الشيخ أحمد بن عبد الله الزواوي
5- الشيخ محمد بن مرزوق الكفيف
وغيرهم.

تولى القضاء زمنا قصيرا، ثم تركه لينقطع إلى الزهد والعبادة، كما قام بالخطابة على منبر الجامع الأعظم ،بالجزائر العاصمة ،ويروى أن من بقايا آثاره المتبرك بها إلى اليوم بهذا المسجد (مقبض عصى خطيب صلاة الجمعة)

آثاره العلمية :

كان معروفا عن الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رضي الله عنه) ، أنه عالم زمانه في القطر الجزائري ، في علوم التفسير، والعقيدة، والفقه، والتصوف النظري ، وغيرها من العلوم الدينية الأخرى ،و هو أحد أعلام القرن التاسع الهجري ،ذلك لأن الإنتاج الفكري للثعالبي انتشر في مختلف مكتبات العالم العربي والإسلامي ،عكف الشيخ عبد الرحمن الثعالبي ،على التدريس والتأليف، وكانت معظم مصنفاته في علوم الشريعة، وقد ترك في هذا الحقل ما يزيد على تسعين مؤلفا في التفسير والحديث والفقه واللغة والتاريخ والتراجم

وغيرها، نذكر من بينها :

-1- تفسيره الجواهر الحسان في تفسير القرآن في أربعة أجزاء، طبع أول مرة بالجزائر سنة 1909 ميلادي ،ثم طبع طبعة ثانية في السنوات الأخيرة بتحقيق الدكتور عمار طالبي .
-2- روضة الأنوار ونزهة الأخيار في الفقه .
-3- جامع الهمم في أخبار الأمم .
-4- جامع الأمهات في أحكام العبادات .
-5- الأربعين حديثا في الوعظ .
-6- جامع الأمهات للمسائل المهمات مخطوط بالمكتبة الوطنية بالجزائر وهو في الفقه .
-7- رياض الصالحين وتحفة المتقين في التصوف ،مخطوط بالمكتبة الوطنية الجزائر تحت رقم 833 .
-8- وله مخطوطات في التوحيد ،واللغة ،والفقه ،في تنبكتو بمالي (النيجر القديمة) الشاوي التاريخي .
-9- الدر الفائق، والأنوار المضيئة بين الحقيقة والشريعة ،و يعنى بالتربية الروحية، وحقيقة الذكر .

وكان الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رحمه الله) ، مشارك في الصناعتين: يقرض الشعر ،ويكتب النثر، ومن شعره في الوعظ والزهد قوله :
و إن امرؤ أدنى بسبعين حجة * جديــر بأن يسعى معدا جهازه
و أن لا تهز القلب منه حوادث * و لــكن يرى للباقيات اهتزازه
و أن يسمع المصغى إليه بصدره * أزيزا كصوت القدر يبدي ابتزازه
فماذا بعد هذا العمر ينتظر الذي * يعمره في الدهــر إلا اغتراره ؟
وليس بدار الذل يرضى أخو حجى * ولكن يرى أن بالعزيـز اعتزازه

تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن :

لقد تأثر العلامة الثعالبي (رحمه الله) في تفسيره بمصادر مشرقية، كما تأثر بمصادر مغربية وأندلسية، فجاء تفسيره مزيجا بين الفكر المشرقي والفكر المغربي، حيث ضمنه المهم مما اشتمل عليه تفسير ابن عطية، وزاده فوائد من غيره من كتب الأئمة، حسبما رآه أو رواه عن الأثبات، وذلك قريب من مائة تأليف، وما منها تأليف إلا وهو منسوب لإمام مشهور بالدين، ومعدود في المحققين.

و الشيخ الثعالبي (رحمه الله) من بين المفسرين الجزائريين البارزين .

من أقواله :

يقول الثعالبي (رحمه الله) في كتابه الجامع الذي ذيل به شرحه لمختصر ابن الحاجب الفرعي ما نصه ،وينبغي لمن ألف أن يعرف بزمانه وبمن لقيه من أشياخه ،فيكون من يقف على تأليفه على بصيرة ،من أمره ويسلم من الجهل به ،وقد قل الاعتناء بهذا المعنى ،في هذا الزمان ،وكم من فاضل انتشرت عنه فضائل ،جُهل حاله بعد موته ،لعدم الاعتناء بهذا الشأن .
وقال عنه الشيخ أبو زرعة العراقي: الشيخ الصالح الأفضل الكامل المحرر المحصل الرحال أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي» ووصفه العلامة عيسى بن سلامة البسكري: «بالشيخ الصالح الزاهد العالم العارف أبو زيد عبد الرحمن الثعالبي»، وقال عنه تلميذه الشيخ أحمد بن زروق المتصوف المشهور الذي له تآليف عديدة في التصوف والفقه منها ،شرحه لرسالة أبي زيد القيرواني في الفقه المالكي ،وشروحه العديدة للحكم العطائية وكتب اخرى : «كانت الديانة أغلب عليه من علمه»

وفاته :

توفي يوم الجمعة 23 رمضان 875 هجري ، وفي منتصف شهر مارس سنة 1471 ميلادي ،ودفن بالجزائر العاصمة ،وشيد مسجد جامع على مرقده الشريف ، واقيمت زاوية علمية كبيرة بجانب ضريحه لنشر المعارف الدينية.
وقد رثاه كثير من العلماء من معاصريه، كان من بينهم تلميذه أحمد بن عبد الله
الزواوي (رضي الله عنه) :
لقد جزعت نفسي بفقد أحبتي * وحق لها من مثل ذلك تجزع
ألمّ بنا ما لا نطيق دفاعـــه * وليس لأمر قدر الله مرجع

الشيخ محمد الطاهر بن عاشور (رحمه الله)

الشيخ محمد الطاهر بن عاشور (رحمه الله)



الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ،هو : عالم وفقيه ،ومفسر تونسي ،من كبار علماء المغرب الإسلامي (المغرب العربي) ، ينتمي الى أسرة علمية عريقة ،منحدرة من الأندلس ، ترجع أصولها إلى أشراف المغرب الأدارسة تعلم بجامع الزيتونة ثم أصبح من كبار أساتذته ،تتلمذ علىه كبار علماء المغرب العربي ،برز في عدد من العلوم ونبغ فيها ، كعلوم الشريعة والحقيقة ، واللغة والأدب ، وكان متقنا للُّغة الفرنسية ، وعضواَ مراسَلاً في مجمع اللغة العربية في دمشق والقاهرة ، تولى مناصب علمية وإدارية بارزة كالتدريس ، والقضاء ، والإفتاء ، وتم تعيينه شيخاً لجامع الزيتونة .
ألف عشرات الكتب في التفسير ، والحديث ، والأصول ، واللغة ، وغيرها من العلوم ، منها تفسيره المسمَّى : " التحرير والتنوير" ، و" مقاصد الشريعة " ، و" كشف المغطا من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطأ " ، و" أصول الإنشاء والخطابة " ، و" النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح " ، وغيرها من الكتب النافعة .

ولد في تونس سنة (1296) هـجري قمري ، الموافق (1879) ميلادي ، وهو من أسرة متدينة محافظة ،أنجبت الكثير من العلماء ،والشيخ محمد طاهر بن الصادق بن عاشور ،مالكي المذهب ،أشعري العقيدة ، جنيدي السلوك .

كان على موعد مع لقاء الشيخ محمد عبده (رحمه الله) في تونس عندما زارها هذا الأخير في رجب سنة 1321 هـجري الموافق ل 1903 ميلادي . سمي حاكما بالمجلس المختلط سنة 1909 ميلادي ثم قاضيا مالكيا في سنة 1911 ميلادي ، ارتقى إلى رتبة الإفتاء وفي سنة 1932 ميلادي ،اختير لمنصب شيخ الإسلام المالكي، ولما حذفت النظارة العلمية ،أصبح أول شيخ لجامعة الزيتونة ،وأبعد عنها لأسباب سياسية ،ليعود إلى منصبه سنة 1945 ميلادي ،وظل به إلى ما بعد استقلال البلاد التونسية ،سنة 1956. ميلادي ،من أشهر أقرانه الذين رافقهم في جامعة الزيتونة: شيخ الأزهر الراحل محمد الخضر حسين، وابنه محمد الفاضل بن عاشور ،كان بدوره من كبار علماء الدين البارزين في تونس والمغرب العربي .

آثاره (مؤلفاته) :

* التحرير والتنوير، تفسير القرآن
* كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطأ
* النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح
* قصة المولد النبوي الشريف
* مقاصد الشريعة الإسلامية
* تحقيقات وأنظار في القرآن والسنة
* التوضيح والتصحيح (أصول الفقه)
* حاشية التوضيح والتصحيح لمشكلات كتاب التنقيح (جزآن)
* أصول الإنشاء والخطابة
* موجز علم البلاغة
* أليس الصبح بقريب
* أصول النظام الاجتماعي في الإسلام
* الوقف وأثره في الإسلام
* نقد لكتاب الإسلام ونظام الحكم
* شرح لمقدمة المرزوقي لشرح ديوان الحماسة
* شرح قصيدة الأعشى
* شرح ديوان النابغة
* ديوان بشار، مقدمة وتحقيق
* الواضح في مشكلات شعر المتنبي لأبي القاسم الأصفهاني (تحقيق)
* قلائد العقيان في محاسن الأعيان للفتح بن خاقان القيسي (تحقيق)
* سرقات المتنبي ومشكل معانيه لإبن بسام النحوي (تحقيق)

وفاته :

توفي في تونس يوم 13رجب 1394 هـجري / 12 أغسطس 1973 ميلادي، عن عمر يناهز الـ (98) عاماً .

أقول العلماء فيه :

قال عنه صديقه الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر رحمه الله : " وللأستاذ فصاحةُ منطقٍ ، وبراعةُ بيانٍ ، ويضيف إلى غزارة العلم وقوّة النظر : صفاءَ الذوق ، وسعة الاطلاع في آداب اللغة ... كنت أرى فيه لساناً لهجته الصدق ، ... وهمَّةً طمَّاحة إلى المعالي ، وجِداً في العمل لا يَمَسه كلل ، ومحافظة على واجبات الدين وآدابه... وبالإجمال ليس إعجابي بوضاءة أخلاقه وسماحة آدابه بأقل من إعجابي بعبقريته في العلم" انتهى .

ووصفه محمد البشير ،قائلاً : " عَلَم من الأعلام الذين يعدّهم التاريخ الحاضر من ذخائره ، فهو إمام متبحِّر في العلوم الإسلامية ، مستقلّ في الاستدلال ، واسع الثراء من كنوزها ، فسيح الذرع بتحمّلها ، نافذ البصيرة في معقولها ، وافر الاطلاع على المنقول منها ، أقْرَأ ، وأفاد ، وتخرَّجت عليه طبقات ممتازة في التحقيق العلمي" انتهى .


الشيخ محمد الشريف قاهر (حفظه الله) :

الشيخ محمد الشريف قاهر (حفظه الله) :




الشيخ محمد الشريف قاهر (حفظه الله) عالم دين جزائري ، من مواليد سنة 1933 ميلادي ، 1352 هجري ، وهو واحدا من كبار فضلاء الجزائر ، فقيه ،ومتكلم ،أديبٌ ومؤلف، درس على عدد من فضلاء الجزائر ،كما درس خارج أرض الوطن، من بين شيوخه الذين درس عليهم ، العلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور (رحمه الله) ،والفقيه الجزائري ، الشيخ محمد الطاهر آيت علجت (حفظه الله) ،حصل على اجازة في تدريس الشريعة من جامع الزيتونة بتونس ،كما حصل على اجازة في الفتيا على المذهب المالكي ،وحصل على العالمية في الأدب الأندلسي من جامعة بغداد ، كان واحدا ممن ندبهم العقيد عميروش لتعلم العلوم الدينية ، حيث يقول بأنه في 1957 ميلادي ، 1376 هجري ، بعد حصوله على العالمية من الزيتونة : اتصلنا بجبهة التحرير الوطني، لأجل الدخول إلى أرض الوطن، فسمح لنا بالاجتماع بالعقيد عميروش بمنطقة ''إيغيل تالة''، والذي رفض التحاقنا بجيش التحرير، وقال لنا بالحرف الواحد: ''أنتم طلبة العلم وعلماء الدين، مهمتكم بعد الاستقلال السير بالجزائر إلى بر الأمان'' .

وفي عام 1962 ميلادي ،1382 هجري ، بعد عودته إلى الجزائر وشروعه في التدريس في الثانويات وعدد من المعاهد الجامعية، كان الشيخ محمد الشريف قاهر (حفظه الله) من مؤسسي جمعية القيم ، وفي 1972 ميلادي ، 1392 هجري ،عاد إلى الجامعة واشتغل بالتدريس في جامعة الجزائر ،ثم مديرا لمعهد أصول الدين ،وأستاذا في المدرسة العليا للقضاء ، وألف عددا من الكتب في الفقه ،والأدب والسيرة ، كما شارك في كتاب "مشاهير المغاربة" ضمن لجنة البحث التابعة لجامعة الجزائر.

شارك في أكثر من عشرين من ملتقيات الفكر الإسلامي ،التي نظمتها وزارة التعليم الأصلي والشؤون الدينية ، كما شارك في الملتقيات الدولية التي عقدها المجلس الإسلامي الأعلى منذ 1998ميلادي إلى يومنا هذا، بالإضافة إلى المشاركة الدائمة في المناسبات الدينية والوطنية ، وكان له حضور إعلامي، كحلقات المذاهب في إذاعة القرآن الكريم، وإذاعة القناة الثانية بالأمازيغية .

له حضور متميز في كل الملتقيات داخل الوطن وخارجه، ومشاركة إيجابية بعشرات المقالات في الجرائد والمجلات.

حفظه الله ورعاه،وسدد خطاه ،وأمد عمره بالصحة والعافية، وأدام بركاته علينا


الشیخ محمد الفاضل بن عاشور (رحمه الله)


الشیخ محمد الفاضل بن عاشور (رحمه الله)
 
 


الشيخ محمد الفاضل بن عاشور (رحمه الله) ،من علماء المغرب العربي ،تونسي الوطن ، مالكي المذهب ،أشعري العقيدة ، جنيدي السلوك ، أحد أهم علماء الدين الذين عرفتهم تونس والمغرب الإسلامي (العربي) ،في القرن العشرين ، ولد في مدينة تونس ، وذلك يوم 2 شوال سنة 1327 هـجري قمري ،الموافق لـ / 16 ( أكتوبر /تشرين الأول ) سنة 1909 ميلادي ،في بيت علم وأدب ،تربى في كنف والده الشيخ محمد الطاهر بن عاشور (رحمه الله) وهو من كبار العلماء في تونس والمغرب الإسلامي (المغرب العربي) ،نشأ في أسرة متدينة معروفة بحبها للعلم ،التحق بجامع الزيتونة ، ودرس على شيوخها ،وحصل على اجازة في التدريس ،كان من خيرة مدرسي جامع الزيتونة ،بعد الاستقلال ، أسندت إليه عمادة كلية الشريعة وأصول الدين في جامعة الزيتونة ،كان الشيخ محمد الفاضل بن عاشور (رحمه الله) خطيباً مفوّهًا، يشد سامعيه إليه شدا، وقد برز خاصة في الأربعينات في الأنشطة الداعمة للقضية الفلسطينية ، ترأس الشيخ محمد الفاضل بن عاشور (رحمه الله) الجمعية الخلدونية، وأراد أن يرتقي بالتعليم فيها من خلال تأسيس "معهد الحقوق العربي" و"معهد الفلسفة" ، سافر الشيخ محمد الفاضل بن عاشور (رحمه الله) ،في مهمات علمية إلى خارج تونس، وألقى محاضرات عديدة في عدد من الجامعات الأجنبية من بينها جامعة السوربون بباريس، وجامعة إستانبول في تركيا، وجامعة عليكرة في الهند، وجامعة الكويت. كما زار عدة بلدان من بينها الجزائر ومصر وسوريا ولبنان وإيطاليا وسويسرا والمغرب الأقصى وليبيا وألمانيا والنمسا واليونان ويوغسلافيا السابقة وبلغاريا...

نسبه :

هو الشيخ محمد الفاضل ،بن محمد الطاهر ،بن الصادق عاشور ، ينتمي الى اسرة علمائية معروفة ،ومشهورة في العالم الإسلامي ،والده صاحب تفسير _ التحرير والتنوير _وهو من كبار علماء المغرب الإسلامي (المغرب العربي) .

نشأته :

تربى في أحد بيوت الدين والعلم، إذ كان والده محمد الطاهر بن عاشور ،من كبار العلماء في تونس والمغرب العربي ،ان لم نقل من كبار علماء العالم الإسلامي ، وفي هذا المعنى يقول الفاضل بن عاشور: "ونشأت في ظل العناية المتوافرة من والدتي ووالدتها ووالدها ووالدي ووالده ووالدته والجدة الكبرى جدة والدي ووالدتي معا". بدأ حفظ القرآن العظيم ،وهو في الثالثة من عمره، أكمل حفظه ، عندما بلغ التاسعة من عمره ، كما حفظ بعض المتون في النحو والصرف ومقدمات اخرى ، ثم تعلم اللغة الفرنسية ، وفي سنة 1922 ميلادي ،بدأ دراسة مبادئ القراءات والتوحيد والفقه وعلمي النحو والصرف ، ثم التحق بجامع الزيتونة فدرس به إلى أن تحصل على شهادة التطويع سنة 1347هـ/1928م).

الوظائف التي تقلدها :

التحق الشيخ محمد الفاضل بن عاشور (رحمه الله) ، للتدريس بجامع الزيتونة ،سنة 1351هـ/1932م. وارتقى سلم المدرسين الزيتونيين حتى سمي مدرسا من الطبقة الأولى ، وبعد الاستقلال (1956م)، أسندت إليه عمادة كلية الشريعة وأصول الدين في جامعة الزيتونة سنة 1381هـ/1961م واستمر بها إلى أن انتقل الى رحمة ربه ، كما اشتغل في مناصب قضائية من بينها أنه ترأس المحكمة الشرعية العليا، وتولى منصب مفتي الجمهورية التونسية .

بين القومية والوطنية :

كان الشيخ محمد الفاضل بن عاشور خطيباً مفوّهًا، يشد سامعيه إليه شدا، وقد برز خاصة في الأربعينات في الأنشطة الداعمة للقضية الفلسطينية وفي تنظيم الاحتفالات احتفاء بتأسيس جامعة الدول العربية، وقد جلب له هذا النشاط التقدير والاحترام والتأثير في الوسط الزيتوني ،وفي الساحة الوطنية، وهو ما هيأه لأن يترأس الاتحاد العام التونسي للشغل ،عند تأسيسه في 20 جانفي 1946، كما عين في الديوان السياسي للحزب الحر الدستوري الجديد. لكن لم يستمر في هذه المكانة إذ سرعان ما استبعد خوفا من تأثيره الكبير .

نشاطه العلمي :

ترأس الشيخ محمد الفاضل بن عاشور جمعية الخلدونية، وأراد أن يرتقي بالتعليم فيها من خلال تأسيس "معهد الحقوق العربي" و"معهد الفلسفة"، وعمل من أجل توجيه الطلبة التونسيين إلى المشرق العربي.

سافر الشيخ محمد الفاضل بن عاشور (رحمه الله) في مهمات علمية إلى خارج تونس، وألقى محاضرات عديدة في عدد من الجامعات الأجنبية من بينها جامعة السوربون بباريس، وجامعة إستانبول في تركيا، وفي الهند وجامعة عليكرة في الهند، وجامعة الكويت. كما زار عدة بلدان من بينها الجزائر ومصر وسوريا ولبنان وإيطاليا وسويسرا والمغرب الأقصى وليبيا وألمانيا والنمسا واليونان ويوغسلافيا السابقة وبلغاريا...

من أهم المؤتمرات التي شارك فيها مؤتمرات المستشرقين بباريس، كما أنه عضو في المجمع اللغوي بالقاهرة، ورابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، وعضو مراسل بالمجمع العلمي العربي بدمشق، ومجمع البحوث الإسلامية بمصر، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة .

من مؤلفاته

- الحركة الأدبية والفكرية في تونس، الدار التونسية للنشر، تونس، ط3، 1983.
- أركان النهضة الأدبية في تونس، مكتبة النجاح، تونس 1960.
- تراجم الأعلام، الدار التونسية للنشر، تونس 1970.
- المصطلح الفقهي في المذهب المالكي.
- أعلام الفكر الإسلامي في تاريخ المغرب العربي.
- التفسير ورجاله.

وفاته :

توفي بتونس يوم ( 12 صفر 1390 هـجري )(19 أفريل/19 نيسان1970ميلادي).


العلامة الشيخ عبد الرحمن الأخضري (رضي الله عنه)


العلامة الشيخ عبد الرحمن الأخضري (رضي الله عنه)
( 920 - 954 هـجري / 1512 - 1545 ميلادي )
 
 


من هو العلامة الأخضري :

الشيخ عبد الرحمن الأخضري ،بن محمد الصغير ، بن محمد ، بن عامر ،الأخضري البنطيوسي ،البسكري ، الجزائري المالكي ، الأشعري ، الجنيدي ،كان عالماً عاملاً ، وتقياً ورعاً ،وعابداً متبتلاً ، متين التدين ، زاهداً عن الدنيا ،تام العقل مهاب الهيئة ، حسن العشرة ،قنوعٌ باليسير لا يخاف في الله لومة لائم وقد أعرض عن الفتيا حين اختلاف الكلمة ،قضى معظم حياته في خدمة العلم وأهله ،لقب بفارس المعقول والمنقول ،وهو من أبرز علماء الجزائر في القرن العاشر الهجري ، لقد أطبقت شهرته الآفاق وغدت تأليفه تدرس في شتى حواضر العلم والمعرفة ،من بغداد ،إلى الأزهر بالقاهرة ، إلى الزيتونة بتونس ،الى جامع القرويين بفاس ،الى المدينة المنورة .... ،آخر محطاته كانت منطقة قجال ،تفرغ للتدريس بجامعها العتيق ، الكائن في منطقة ڤجال التابعة لولاية سطيف الجزائرية ،والتي تقع جنوب شرق مدينة سطيف ،كانت له خلوة يتعبد بها في مقبرة ڤجال قرب ضريح ،الشريف مسعود الڤجالي الحسني ،توفي في منطقة ڤجال ونقل جثمانه الطاهر الى منطقة بنطيوس الموجودة بولاية بسكرة والتي تقع جنوب شرق الجزائر ، ودفن بها ،له مؤلفات عديدة والكثير منها مخطوط لم يطبع بعد

المولد والنشأة :

- ولد الشيخ عبد الرحمن الأخضري (رضي الله عنه) سنة (920 هـ/ 1512 م) ببلدة بنطيوس التي تبعد عن بسكرة بحوالي ( 30 كم) في عائلة مؤمنة ،ملتزمة ،عرفت بالعلم والورع والتقوى ،والده العالم المدرس محمد الصغير وأخوه الأكبر أحمد الأخضري ،كان عالما ومدرسا أيضا ،أخذ عن كليهما الفقه ،وعلوم اللغة العربية ،وعلم المواريث ،بعد أن حفظ القرآن العظيم ،وأتقن رسمه وتلاوته ،انتقل الى منطقة قسنطينة فواصل دراسته هناك ،بعدها هاجر الى تونس فدرس بڤفصة ثم جامع الزيتونة بتونس العاصمة .

التعليم :

بدأ التعلم بمسقط رأسه بنطيوس فتعلم القراءة والكتابة ،وحفظ القرآن العظيم ،وأتقن رسمه وتلاوته ،وأخذ عن والده الشيخ محمد الصغير (رضي الله عنه) وعن أخيه الشيخ أحمد الأخضري (رحمه الله) علم الفقه ،وعلوم اللغة العربية ،وعلم المواريث ، انتقل الى منطقة قسنطينة فواصل دراسته هناك ، بعدها هاجر الى تونس فدرس بڤفصة ،ثم جامع الزيتونة بتونس العاصمة ،تعلم على أبي يحيى بن عقبة ، وعلى أبي عبد الله القلجاني ،ثم عن ولده عمر القلجاني وكذلك عن قاسم العقباني ...أكمل دارسته في علوم اللغة العربية كما درس علم المنطق ودرس الفقه واصوله والكلام والحديث والتفسير ودرس علم الحساب ،تفوق في دراسته وحصل على اجازات في التدريس والفتيا .

التدريس :

رجع الى وطنه الجزائر وشرع في التدريس ،فزكاة العلم نشره ، آخر محطاته كانت ڤجال ،حيث حط الرحال بها ومكث بجامعها العتيق ،الذي يعرف اليوم بزاوية ڤجال أو زاوية بن حمادوش ، درس هناك الى أن وافته المنية .

الشيخ عبد الرحمان الأخضري ،و زاوية قجال :

إن تردد الشيخ عبد الرحمن الأخضري (رحمه الله) على زاوية قجال ،لم يكن ، لولا هذه العلاقة الروحية والعلمية التي كانت تربطه بالمكان وأهله ،مما يؤكد على المكانة الكبيرة التي كانت تحظى بها هذه القرية الصغيرة ،بحجمها الكبير ، بقداستها الروحية والعلمية ،عند العلماء ،وسائر من تعلم فيها ،أو زارها ، أو عرف أهلها ، وفي الأمثال العامية التي كثيرا ما تتردد على ألسنة أهل قجال ما يؤكد ذلك ، يقول المثل : " قجال ما يخلى والعلم ما يخطيه " ويعكس بعض جهلة زماننا المثل فيقولون : "قجال ما يعمر والذل ما يخطيه "

عبادته :

نُقِل عن شيوخ زاوية قجال وعلمائها ، ومنهم الشيخ القريشي مدني (رحمه الله) ،كذلك نقل عن الشيخ الزبير بن حمادوش (حفظه الله) وهو من كبار شيوخ الطريقة الرحمانية في منطقة سطيف : أن الشيخ عبد الرحمن الأخضري (رضي الله عنه) ، كان عالما عاملا ،وتقيا ورعا وعابدا صوفيا ، يقضي نهاره في التدريس ،فإذا ما أقبل الليل أوى إلى " خلوته " التي تقع بالقرب من مقام سيدي مسعود الإدريسي الحسني القجالي (رضي الله عنه) ، يتعبد ،ويتحنث ،ويصلي أغلب الليل ،وقبل الفجر يعود إلى المسجد ،ليستأنف نشاطه اليومي في التدريس أو التأليف ، وقد تناقل طلبة جامع قجال ،خلفهم عن سالفهم أبياتا شعرية قيل أنها وجدت مكتوبة في كفن الشيخ عبد الرحمن الأخضري (قدس الله سره) ، وهي كما يلي منقولة عن الأستاذ عبد المجيد حمادوش كان قد سجلها له الشيخ القريشي مدني بخطه في كناشة خاصة :

والرواية لأحد شيوخ زاوية قجال

و يا رب فأكرمه بعفوك ليلــــــــة ... ويروح بها ضيفا لقبره منزلا
فأنت الذي أوجبت للضيف حرمــــة ... وأكدت عليه بالمواساة عاجلا
فهذا بضيف الخلق ،كيف بضيفــــك ... فأكرمه نزلا عند وقف الرواحل
وحين انقضاض الناس للحي راجعا ... وبسط راح الكف للّحد عاجــلا
بجاه النبي الهاشمي محمـــــد ... عليه صلاة الله مني موصــلا

مختارات من شعر العلامة الأخضري (رضي الله عنه) :
من شعره الجيِّد و هي رائعة في الحقيقة ،في مدح الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله سلم) في 169بيتا ، جاء فيها :

الحمد لله طولَ الدّهر و العُمرِ---- ثم الصّلاة على المختار من مُضَرِ
يا ثاقب النور ما أسناك من قمرٍ---- هل اّطلعت على ارضٍ بها وطري
الفيتَ صبَّ الهوى يوما بعلّته----جهلا بحُبٍّ لما في الجهل من ضررِ
يا سايح الطرف ما للطّرف سابحةٌ----تغدو البطاحَ و لا تشكو من الضّجر
قَلا الصَّبابةُ لي و العين قد فصلت---- --و ما وجدت لهذا العين من أثر
اني ابيت من الاشواق في كمد----و ما سئمت من التخميم و السهر
فليس مثلي من السُّهارِ من أحد-----كيف السآمة للعشاق من سهر
قد هب ريح الصَّبَا و القلب منه حدى----و عاد حال الصِّبَا في المهد من صغر
قف يا حمامُ على رُبعٍ شغفت به---- واحمل سلامي إلى الحبيب و اختبر
جاش الحمامُ خلال الدار محتفلا---- و خالف القلب في أشواقه النكر
لما رأيت حمام الدار سَطَحَهُ---- شوق التلاقي إلى الاوطان و الوكر
تضرم القلب من اشواقه كمدا---- و عدت مثل تريف العقل من سكر
غنّى حمامُ الهوى بالشوق مظطربا---- فأضرم القلبَ نارُ الوجد بالسحَرِِ
فالقلب مظطرم و الروح نائحة---- و البث يؤلمني فلحزن كالابر
و النفس مني لذيذُ العيش فارقها---- و اسلمت نومَها العينانُ في السهر
اشتد حالي فما دائي بمنكشِفٍ---- و لا سمعت عن المحبوب من خبر
و العين مني قد انهملّت مدامعُها---- جوفَ الدُّجى لِتريقَ الدمع كالمطر
يا عاذلَ الصَّب انَّ الحبّ قاهره----كيف الحبيب سرى في السَّمع و البَصَرِ
انّ الصَّبابة لا تخفى غوائلها----و امرها من قديم الدّهر و العَصْر
و كم محِّبٍ قديم الشوق جرَعَهُ----كأس الحِمامَ فما للعُمرِ ذا بَطَر
و القلب مني بنار الشوقِ مشتعلٌ---- ما زالَ قلبٌ شديد الحُزنِ منكسرِ
واهتزّتِ الرّوحُُ بالأشواق واظطربتْ---- واثَّرَالحُبُّ فيها أيّمَا أَثَرِ
ان قلت ايّ حبيبٍ قد شغفتَ به----أقول هذا حبيب الله في البشر
محمدٌ خيرُ منْ يمشي على قدمٍ---- خيرُ الوَرَى سيِّدُ الأملاكِ و النُّدُرِ
هذا محمدٌ المخصوصُ بالشّرَفِ---- من جاء بالرّوحِ و التوسيعِ و البِشْرِ
هذا المقرّبُ هذا المستغاثُ به----هذا شفيع الورى في الموقِفِ النّكِِرِ
هذا رسول كريمٌٌ ما له كفؤٌ---------
أزكى الخليقة ذو جيدٍ و مبتسمٍٍ---- أصفى من الذّهب الإبريز و الدّرر
يزهو بوجه كريم البِسْطِ مبتهجٌ----بالعفو ملتحفُ كالبدر منسفـرِ
متوّج برداء العز مكتَنفٌ------- بالحسن متّصف ٌأسنى من القمر
هو النّبيّ الذي جلّت محاسنه------و ما لبهجته مثل من الصـور
أكْرِمْ بآيةٍ ما أبدت أناملُه------من خيرِ ماءٍ لذيذِ الطَّعمِ مُنهَمِر
و الإنشقاقُ لهذا البدرِ منزِلةً-------على الكواكب ما أسناه من قمرِ
تأسَّف الجِذعُ إنكارًا لفُرقَتِه-------و حنَّ مثلَ حنِينِ الطَّرْفِ و الجزر
و آية الغار لا تخفى عجائبها-------لمَّا اقتفاهُ رِجَالُ الكُفْرِ في نَفرِ
و العنكبوتُ ببابِ الغارِ قد نسَجَت-------و في الحمامةِ آيةٌ لمعتَبِرِ
لما رأى خيفة الصديق قال له ------- الله معنا فلا تخشى من الضرر
و كم تمنى أبو بكر يرافقه -------- قد نال و الله ما يرجوه من وطر
يا فوزه قد حوى في الخلد منزلة ------- مع الرسول بدار البسط و السرر

مؤلفاته :

ألف الشيخ العلامة (الأخضري) في شتى المعارف العقلية منها والنقلية ،فقد ترك أثراً في علوم الشريعة ،والحقيقة ،والرياضيات ، والفلك ، وعلم المنطق ، وعلوم اللغة العربية .... ومن أشهر مؤلفاته: - السلم في المنطق ،الذي ترجمه المستشرق الفرنسي لوسيان ، سنة 1921 ميلادي وقد عده من أعظم الكتب العالمية

ومن مؤلفاته :

• مختصر الأخضري في العبادات، على مذهب الإمام مالك
• نظم الجواهر المكنون في ثلاثة فنون :في علم البلاغة والبيان و البديع
• حلية اللب المصون على الجواهر المكنون.
• منظومة الدرة البيضاء في الفرائض والحساب.
• أرجوزة. الدرة البيضاء في أحسن الفنون والأشياء.
• نظم السلم المرونق في المنطق .
• شرح السلم المرونق المذكور.
• نظم السراج في علم الفلك
• نظم منثور ابن آجروم الدرر البهية على نظم الاجرومية
• نظم أزهر المطالب في هيئة الافلاك و الكواكب في علم الاسطرلاب
• قصيدة مدح النبي خالد بن سنان
• شعرالقدسية و اللامية في التصوف

• قصيدة نصيحة الشبان جاء فيها:

أُوصيكُم معاشرَ الشُبان *** عيكم بطاعة الرحمان
اياكم ان تُهمِلوا أوقاتَكم .... فتَندمُوا يومًا على ما فاتَكُم
انما غانمة الإنسان شبابه.... و الخسر في التوان
و ما أحسن الطاعة للشُبان ....فاسعو بذكرِ الله ياخوان
و عمِّروا أوقاتَكم بالطاعة.... و الذِّكر كلَّ لحظةٍ و ساعة
ومن تَفتُه لحظةٌ في عمرهِ.... تكونُ عليه حسرةً في قبرِهِ
من يكن فرط في شبابه ... حتى مضى عجبت من تبابه
ويا سعادة امرئ قضاه .... في عمل يرضى به مولاه
أحب ربي طاعة الشباب .... يا فوزهم بجنة الرضوان
فتب إلى مولاك يا إنسان .... من قبل أن يفوتك الأوان
ومن يقل إني صغير أصبر .... ثم أطيع الله حين أكبر
فإن ذاك غره إبليس .... وقلبه مغلق مطموس
لا خير فيمن لم يتب صغيرا .... ولم يكن بعيبه بصيرا
لما رأى خيفة الصديق قال له .... الله معنا فلا تخشى من الضرر

وفاته ومدفنه :

توفي الشيخ عبد الرحمن الأخضري بقرية قجال وقد اختُلِف في تاريخ وفاته فمن قائل أنه توفي في(954هـجري/1545 ميلادي) ومن قائل أنه توفي في (983هـجري/1575ميلادي) فعلى الرأي الأول يكون قد عاش ثلاثا وثلاثين سنة وهو المرجح عند أغلب المراجع التي ترجمت للشيخ الأخضري (رحمه الله) وما زال أهل قجال إلى اليوم يتناقلون كرامة من كرمات الشيخ عبد الرحمن الأخضري ظهرت عند تشييع جثمانه من قبل طلبته الذين حملوا جثمان شيخهم على أكتافهم وتوجهوا به إلى موطنه ومسقط رأسه بالقرب من بسكرة لدفنه هناك تنفيذا لوصيته , فعند وصولهم إلى الحامة بوطالب أصابهم إعياء شديد فطلب بعضهم بدفنه حيث وصل بهم المسير والرجوع إلى قجال فرفض الطلبة الذين كانوا يتميزون بتعلقهم الشديد بشيخهم وإصرارهم على تنفيذ وصيته فقرروا مواصلة الرحلة إلى نهايتها ،فما الذي حدث بعد ذلك ؟ تقول الرواية : أما الفريق الأول من الطلبة فقفلوا راجعين إلى قجال ، وأما الفريق الثاني فحملوا الجثمان الطاهر وساروا به فطوى الله تبارك وتعالى ،لهم الأرض طيا ، حيث تمكنوا من تنفيذ وصية شيخهم ودفنه في بنطيوس والرجوع إلى قجال ؛فكان وصولهم قبل وصول الفريق الأول .



الأربعاء، 19 نوفمبر 2014

الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني (حفظه الله)


الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني (حفظه الله)
شيخ الزاوية القاسمية بالهامل
نجم في سماء الطريقة الرحمانية



هو الشيخ محمد المؤمون القاسمي ،الإدريسي ،الحسني ،العلوي ،الفاطمي ، المحمدي ،الهاملي ،البوسعادي ،المسيلي ،الجزائري ،من علماء الجزائر وأعيان المذهب المالكي ومن أبرز شيوخ الطريقة الرحمانية ان لم نقل من زبدتهم وخلاصتهم لم يستقل من المرافعة عن الإعتدال ، والمساهمة الفعالة والمتميزة في صنع اللحمة بين المذاهب الإسلامية ،والتقريب بين الفرقاء وإن اختلفت مشاربهم وتعددت اتجاهاتهم وليس هذا كثيرٌ عليه وهو من طريقة مقاومة ليس بالسلاح فحسب ،بل بالدرس والقلم ،همها أن تنتصب بالحق الى الباطل ،وتستند الى النص لدفع الظلم ، وتستعمل الحكمة لتبديد البغي ومحق الفتنة .
شيوخها وطلبتها ومريدوها رموا بأنفسهم في اتون الثورة التحريرية الجزائرية ،واعتبروا هذا واجباً مقدساً ،تسقط دونه جميع الأعذار والمبررات والمسوغات ،وليس كبعض الطرق الدينية ،والمدارس الإسلامية ،الذين تقاعسوا عن تأييد الثورة المباركة ،في اللحظة الفارقة ،وانقضوا من ساحة الجهاد ، أو غادروا وانسحبوا منها ،لأن شأنهم محاربة الشكر والبدع ،وليس دفع العدو المستعمر (المستدمر) ،وطلب الوجاهة والسلطة ،والتمسح بالبرجوازية المادينية ،التي كان لها يد عند المستعمر (المستدمر) بحكم قربها منه واتقان لغته والإشتغال في ادارته ما أكسبها رفاهية ومسحة مدنية تطلب لأجلهما بالمشيخة والتقعر اللغوي .


التعريف بالشيخ :

هو الشيخ محمد المأمون بن مصطفى القاسمي الحسني بن محمد بن الحاج محمد ولد يوم الجمعة 25 من شهر فيفري (فبراير - شباط) سنة ميلادي 1944 المواف ل1 ربيع الأول سنة 1363 هجري ، من أبوين كريمين وفي عائلة شريفة متدينة معروفة بحب الخير وخدمتها للدين الحنيف ،نشأ في كنف أبويه الذين ربياه وهيآه وحضراه لقادم المهام والمسؤوليات المنتظرة ،وكان عند حسن الظن ،وكان خير خلف لخير سلف .
حفظ القرآن العظيم صيغيراً ،شأنه شأن بقية اخوته ،وتلقى مقدمات الدراسة الجوامعية (الدراسة الدينية) فدرس مبادئ اللغة العربية ، وعلم المنطق ،وعلمي التفسير والحديث ،ومقدمات في علم الفقه ،على نخبة من الأفاضل ،كما درس على يد والده الشيخ مصطفى القاسمي الحسني ،والشيخ بن عزوز ،والشيخ عبد الحفيظ ،بعد اكماله مرحلة المقدمات بالزاوية ،انتقل الى مرحلة السطوح فدرس علمي اصول الفقه والكلام ،بالإضافة الى دارسة التصوف النظري أو ما يعرف عند أهل الإختصاص بالعرفان .
تدرج في كثير من المسؤوليات وحظي بمشيخة الزاوية القاسمية بمنطقة الهامل التابعة الى دائرة بوسعادة بولاية المسيلة في الجزائر ،والتي تعتبر من أهم الزوايا العلمية التابعة للطريقة الرحمانية بالجزائر ،وهي مقر ملتقى فروع الزاوية الرحمانية في الجزائر ،وقد تولى مشيخة الزاوية سنة 1995 ميلادي ،بمباركة وتزكية أشراف وأعيان منطقة الهامل ،زيادة على دعم شيوخ الزوايا ،وكفاءة أهلية الشيخ -حفظه الله- العلمية والعملية .
تعهد وعقد العزم على أن يحقق حلم أخيه الراحل بأن يعود المعهد القاسمي الهاملي الى سالف عهده ومجده ،لتظل الزاوية العلمية ،معقلا للدعوة والإرشاد والتعليم .

ويؤثر عنه أنه قال كلمة مضيئة ولماحة :
(( الفتنة بين الشيعة والسنة مخطط صهيوني أمريكي غربي، وقد حذر من إثارة هذا الموضوع في وسائل الإعلام على أن يتم ترك هذه المهمة للمجالس الفقهية. ))
نأمل من وسائل الإعلام ومن الفضاء العمومي بصفة عامة أن يأخذ هذا التوجيه لفضيلة الشيخ - حفظه الله - بجد ،ونرجو من جميع شيوخ الزوايا أن يحذوا حذوه .

الأربعاء، 12 نوفمبر 2014

العلامة الشيخ محمد الطاهر آيت علجت



العلامة الشيخ محمد الطاهر آيت علجت




هو عالم و فقيه، لغوي، ومفسر، ومحدث، ومدرس، ومفتي، وإمام وخطيب جزائري ،ولد بقرية ثمقرة بمنطقة بني عيدل سنة 1917 ميلادي ،1335 هجري ،في عائلة متدينة ومحافظة .
دراسته :
كانت بداية داسته بزاوية سيدي يحيى العيدلي ،حفظ القرآن الكريم بزاوية جدّه الشيخ سيدي يحي العيدلي ، أين تلقى المبادئ الأولى لعلوم الأدب واللغة العربية على يد شيخه العلامة السعيد اليجري .
انتقاله الى الزاوية الحملاوية :
رحل العلامة الشيخ محمد الطاهر آيت عجت ، إلى زاوية الشيخ بالحملاوي بوادى العثمانية، قرب قسنطينة، حيث درس مختلف العلوم الشرعية، من فقه واصوله واللغة ومبادئها، كما تعداها إلى غيرها من العلوم الصحيحة كالحساب، والفلك، بالإضافة إلى العلوم الإنسانية كالتاريخ والجغرافية، .....
التدريس :
بعد تمكّنه من علوم النقل والعقل ،تصدّر للتعليم والتدريس والإفتاء في زاوية ثمقرة، وهذا قبل الحرب العالمية الثانية، فأحدث نهضة علمية إلى غاية 1956هـ. أنشأ نظاما خاصا بزاويته، شبيها بنظم المعاهد الإسلامية الكبرى، فكان تلامذته يلتحقون بالزيتونة بزاد من العلم والأدب يشرّف زاويتهم والقائم عليها.
تلاميذه :
تخرّج على يديه جملة من الطلبة المتمكنين، وما زال عطاؤه غير مجذوذ، فهو إلى يومنا هذا يعقد دروسا في الفقه والنحو وفن القراءات وغيرها من العلوم الشرعية بمسجد بوزيعة الجديد (مسجد الإمام مالك بن أنس) مكان إقامته . و من أبرز تلاميذه:
الوزير السابق المرحوم مولود قاسم نايت بلقاسم
الأستاذ الدكتور محمد الشريف قاهر
الشيخ أبو عبد السلام.

المشاركة في الثورة التحريرية :
شارك في الثورة الجزائرية المجيدة، هو وسائر طلبة الزاوية الذين التحقوا كلّهم بركب المجاهدين بعد أن قنبل الاحتلال الفرنسي زاويتهم في غشت 1956 م. سافر إلى تونس في أواخر سنة 1957 م بإشارة من العقيد عميروش الذي كان الشيخ يتولى منصب القضاء في كتيبة جيشه، كما كان يتولى فصل الخصومات. ثم انتقل إلى طرابلس الغرب بليبيا حيث عيّن عضوا في مكتب جبهة التحرير هناك.
التعليم الثانوي بعد الاستقلال :
بعد الاستقلال وفي سنة 1963 م ، عاد إلى الجزائر، وعيّن أستاذا بثانوية عقبة بن نافع بالجزائر العاصمة ،وثانوية عمارة رشيد ،بابن عكنون ،إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1978 م. ثمّ وبطلب من وزارة الشؤون الدينية، عاد إلى نشاطه المسجدي، ليمارس دروس الوعظ والإرشاد ،والخطابة ،وامامة الجمعة بمسجد الغزالي بحي حيدرة وغيره من المساجد.
رابطة الدعوة الإسلامية :
يعدّ الشيخ من الأعضاء البارزين ومن المؤسسين لرابطة الدعوة الإسلامية بالجزائر.
آثاره :
له مؤلفات في فنون كثيرة، كما هو الآن بصدد كتابة مذكرات تروي تاريخه وتاريخ الثورة الجزائرية، وتقييمه للأحداث ومواقفه عبر مسيرته الرائدة.
تسجيل صوتي لشرحه لرسالة ابن أبي زيد القيرواني.
حوار مع جريدة الشروق الجزائرية.
تقريظ لكتاب ملتقى الأدلة الأصلية والفرعية الموضحة للسالك فتح الرحيم المالك تأليف الشيخ محمد باي بلعالم إمام ومدرس بأولف، ولاية أدرار.

حفظه الله ورعاه، وأمد عمره بالصحة والعافية، وأدام بركاته علينا

سيدي محمد بلقايد الشريف الحسني الإدريسي ، التلمساني ''قدّس الله سرّه''


سيدي محمد بلقايد الشريف الحسني الإدريسي ، التلمساني
 ''قدّس الله سرّه''



الولـي الذاكـر ،ذي النسب الزاهر ،سيدي محمد بلقايد ،السيد الشريف ،الإدريسي ، الحسني ،العلوي ،الفاطمي ، المحمدي ،التلمساني ''قدّس الله سرّه'' أفضالٌ موهوبة ،ومزايا مكسوبة ، أسكنتهم السماء في عنانها ،ودثرتهم الكواكب بأنوارها ،أبت أشعة الشمس وأضوائها إلا أن تكون لهم ،كرسياً وأريكةً ،قوس قزح رايتهم ،وفلق الصبح تبسمهم ،ومايعقبه تنفسهم ،كرمهم انهمار المطر بعد قحط ،أو بحرٌ ليس له شط ،هم ذرية العترة ،وللجزائر سترة ،وللزهد والتقوى والورع سفرة ،سيدي محمد بلقايد وأبنائك وأهلك ومريدوك ،قليلٌ هذا في حقكم ،وأنتم من أنتم ،ثمار الشجرة الطيبة ،وجوهرة الفقه المالكي ،تعهدتموه حرصاً وحفظاً وحمايةً ،فكان له اليد الطولى ،لتماسك الشعب الجزائري ،بل في انشداده الى الإسلام ،أكثر من ذلك ،مناعة وحصناً ،ضد الذوبان ، والتميع ،والتسيب ،بالنظر الى المراحل الصعبة ،التي مر بها الشعب الجزائري أثناء فترة الإستدمار ،من نافل القول أن نذكر بدرع العقيدة الأشعرية ،وسيفها البتار ،بالمعنى البرهاني والحججي طبعاً ،ورشاقة وأناقة ،وتأنق وتألق ،تصوف الجنيد السالك ،محبة غامرة ،تشمل الخلق ،وتسامحٌ فائضٌ يأتي على ناشئة التعصب قبل أن تستوي خاطرة ،فضلاً عن أن تتشكل فكرةً ،مكتملةً ،واضحةً ،قابلةً للتصريف ،أوصالحة ،كعملة للتداول وشوقٌ الى اللقاء المنتظر ،يكابد المؤمن لوعته ،وشعوراً بالفقد ،يجمع الذات ويلمها ،ولايترك لها ثغرةً أو منفذاً ،يأتي منه من يخترق حرمها ،ويفسد عليها جمعيتها .
ولد الشريف سيدي ، محمد بلقايد ( رضي الله عنه ) بجوهرة الغرب الجزائري ، منطقة تلمسان ، (تلمسان هي منطقة تقع شمال غرب الجزائر ،غرب الجزائر العاصمة ، يحدها شمالا البحر الأبيض المتوسط وجنوبا ولاية النعامة وشرقا ولايتي عين تموشنت ،وسيدي بلعباس ، وغربا المغرب الأقصى. وهي التي تلقب بـ "لؤلؤة المغرب الإسلامي الكبير"، هي مركز ولاية تلمسان وعاصمتها ،وتعتبر ثاني مدينة من حيث الأهمية في الغرب الجزائري بعد مدينة وهران ، لها ماضي مجيد ومزدهر، ذات المعالم أندلسية متأصلة ،في العالم الإسلامي ، ولها مواقع طبيعية خلابة تعتبر منطقة تلمسان "مدينة الفن والتاريخ" كما كان يسميها جورج الفريد مارصي و هو مستشرق فرنسي ولد في رين يوم 11 مارس سنة 1876 م وتوفي في باريس يوم 20 مايو عام 1962 م) جاء الشريف محمد بلقايد (رضوان الله عليه) الى هذه الدنيا الفانية ،سنة ,1911 م ،في أسرة علمائية ،ينتهي نسبها الى الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) .
نسبه :
يننتهي نسب الشريف سيدي محمد يلقايد (رضي الله عنه) إلى ياقوتة الأنام سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء (رضي الله عنها) ، بنت الحبيب المصطفى وبضعته (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإلى باب مدينة العالم ،الخليفة الراشد سيدنا ومولانا أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (كرّم الله وجهه ورضي عنه وأرضاه) ·
ويمتد نسبه الروحي من حيث طريق القوم إلى سيدي محمد الهبري المتصل السند بمولانا العربي الدرقاوي، عن سيدنا أبي الحسن الشاذلي، عن سيدنا عبد السلام بن مشيش (رضي الله عنهم) وعن إخوانهم أجمعين·

ترعرع في بيت العزّ والشرف و اسرة العلم والتقوى والورع ،فحفظ القرآن الكريم في الثالثة عشرة من عمره الشريف، وارتوى من معين علمي الشريعة والحقيقة ، عن طريق علماء أجلاء بحاضرة تلمسان، وعن والده وجدّه (قدس الله سرهم أجمعين) ، وكانت له، في طلب العلم جولات ،وسياحات روحية ،عبر حواضر الوطن، وبلدان المغرب والمشرق العربيين، فأجازه الكثير من المشايخ الشوامخ، وتصدى للتربية الروحية في تواضع العارفين بالله تعالى ، فكان أهلا لها، وارتوى من ورده خلق كثير، إذ له أتباع في عدة جهات من المعمورة حيث طبقت شهرته الآفاق، ومن مريديه من هم ذائعو الصيت، ما زالت علومهم عن طريق مؤلفاتهم و- دروسهم المتلفزة والمذاعة - تشفي الغليل، أمثال العلاّمة الفهامة الشيخ سيدي متولي الشعراوي (رضي الله عنه)، الذي يظهر في الصورة المرفقة يجثو إجلالا لسيدي بلقايد، واعترافا بفضله وشكرا لله سبحانه وتعالى القائل عزّ من قائل: ''ولا تنسوا الفضل بينكم''، واقتداء بالحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) القائل:''من لم يشكر الناس لم يشكر الله''·
وقد أشفع الشيخ الشعراوي الفعل بالقول إذ منّ الله تعالى عليه - عقب خروجه من خلوة الشيخ بلقايد بسيدي عفيف (رضي الله عنه) بتلمسان - بقصيدة عصماء ستظلّ عربون وفاء، وعنوان تقدير وثناء، أبرز فيها مزايا الطريقة الهبرية وسجايا المنتسب إليها، والممثل لها سيدي محمد بلقايد (رضوان الله عليه) .
ويقول فيها:
نور الوجود وريُّ روح الوارد * هبرية تدنـي الوصـول لعابـد
تزهـو بسلسلـة لهـا ذهبيـة * من شاهدٍ للمصطفى عن شاهـد
طَوَّفتُ في شرق البلاد وغربها * وبحثتُ جهدي عن إمام رائـد
أشفي به ظمـأ لغيـب حقيقـة * وأهيمُ منه في جـلال مشاهـد
فهدانيَ الوهـابُ جـلّ جلالـه * حتى وجدت بتلمسان مقاصـدي
واليوم آخذُ نورها عن شيخنـا * محيِ الطريـقِ محمـد بلقايـد
ذقنا مواجيـد الحقيقـة عنـدهُ * وبه عرجنا في صفاء مصاعـد
عن شيخه الهبري درِّ كنـوزه * فاغنم لآلئـهُ وجـدّ وجاهـد
دنـدنْ بمـا لُقِّنتَـه مـن ورده * بصفاء نفـس متيّـم متواجـد
إيّاكَ من لفـتِ الفـؤادِ لغيـره * واجعل سبيلكَ واحـداً للواحـد
شاهد رسـول الله فيـه فإنّـه * إرثٌ توُورثَ ما جدا عن ماجـد
فإذا وصلتَ به لنور المصطفـى * فالمصطفـى لله أهـدى قـائـد
وهناك تكشِفُ كلّ سرّ غامـض * وتشاهد الملكوت مشهد راشـد
وإذا البصائرُ أينعـتْ ثمراتهـا * نالتْ بها الأبصارُ كـل شـوارد
لا تُلـقِ بـالاً للعـذولِ فـإنّـه * لا رأي قطُّ لفاقـد فـي واجـدِ
لو ذاقَ كانَ أحدّ منـك صبابـةً * لكنّـه الحرمـان لـجَّ بجاحـد
سر في طريقك يا مريد ولا تًعِرْ * أذناً لصيحـة منكـرٍ ومعانـد
لا يستوي عند العقولِ مجاهـدٌ * في الله قـوّامُ الدّجـى بالرّاقـد
اللهَ قلِ بحوى الهيـامِ وذرهـمُ * يتخبّطـونَ بكـل زورٍ فـاسـد
ثابر أخَيَّ علـى تجـارة رابـحٍ * واترك لحزبهمُ تجـارة كاسـد
اللهُ قصدكَ و الرّسولُ وسيلـةٌ * وخطاك خلـف محمـد بلقايـد

وستظل زاويته العامرة في سيدي معروف (رضي الله عنه) بوهران مقصد طلاب العلم، ومجمع العلماء لاسيما بعد ازديانها بسلاسل الدروس المحمدية التي تنوّر الفضاءات الثقافية في الجزائر وفي العالم الإسلامي مشفوعة بنفحات شهر رمضان المعظم ومقرونة ببركاته وخيراته، فالحمد لله والشكر لله·
توفي سيدي محمد بلقايد الإدريسي الحسني التلمساني (رضي الله عنه) بمدينة وهران يوم الجمعة 28 ربيع الثاني 1419 هـجري الموافق ل 21 أوت .1998ميلادي
و دفن في مقبرة العالم الربّاني سيدي السنوسي (رضي الله عنه) بمنطقة تلمسان .







الشيخ علي البوديلمي (رضي الله عنه)

الشيخ علي البوديلمي (رضي الله عنه)




ولد الشيخ علي البوديلمي (قدس سره) في يوم 15 جوان سنة 1909ميلادي بمنطقة المسيلة، (مسيلة هي ولاية جزائرية كما تعتبر نقطة وصل بين الشرق والغرب والشمال والجنوب ، يحدها من الشمال كل من ولايتي برج بوعريريج والبويرة ومن الشمال الشرقي ولاية سطيف و من الشمال الغربي ولاية المدية ،أما من الشرق فتحدها ولاية باتنة ،ومن الغرب و الجنوب الغربي ولاية الجلفة ،ومن الجنوب الشرقي ولاية بسكرة ، مناخها قاري وهي مركز وسط بين التل والصحراء ، ومعظم الولاية مستوية يبلغ ارتفاعها من 200 الى 300 م فوق سطح البحر ،و تلقب بعاصمة الحضنة ،لقبت بهذا الاسم لاحتضانها بين سلسلتي الأطلس التلي والأطلس الصحراوي .) ، وهو ابن الشيخ سيدي محمد ،بن عبد الله ،شيخ الطريقة الرحمانية الخلوتية ،بن عبد القادر بن بوزيان بن مبارك بن الموهوب ، الذي يتصل نسبه بالقطب الكبير المشهود له بالشرف والصلاح، سيدي محمد بن عزوز الديلمي العلامة الشهير المذكور في البستان من علماء تلمسان .
تعلم الشيخ علي البوديلمي (رضي الله عنه) القرآن الكريم، وختمه حفظاً في السابعة من عمره الشريف ،في زاوية أبيه، وتلقى مبادئ علوم اللغة العربية ومقدمات في الفقه واصوله وعلم الكلام عند والده ، وعلى جماعة من العلماء المتعاقبين بالزاوية، ثم انتقل إلى المعهد القاسمي ببوسعادة، فمكث فيه نحو سنة، ثم ارتحل إلى قسنطينة فزاول دروسه على رجال فطاحل في العلم، كالأستاذ عبد الحميد القسنطيني ، نحو سبع سنوات ونصف، وولي الله العالم الشيخ أحمد الحبيباتني، والعلامة السيد الزواوي الفاكون، والفقيه الشيخ الطاهر ذكوطة، والشيخ يحي الدراجي، فلازم هؤلاء المشايخ سنين عديدة بجد واجتهاد متوال، حتى تحصل منهم على الإذن التام، وأجازوه بخطوط أيديهم، ثم هاجر مرة أخرى إلى تونس فأقام بجامع الزيتونة، فاستكمل معارفه هناك، على مشايخ إختارهم لنفسه، وواضب على مجالسهم، كالأستاذ مناشو، والأستاذ بن القاضي، والأستاذ أبى الحسن النجار، والأستاذ الزغوتيني، والأستاذ بالخوجة، والأستاذ المختار بن محمود، والأستاذ شيخ الإسلام الطاهر بن عاشور في التفسير سنوات عديدة.
ثم هاجر إلى المغرب الأقصى، فمكث بجامع القرويين مدة وانتقل الى مناطق اخرى ،وأخذ علم الحديث ،رواية ودراية، وأجيز من محدث المغرب وعالم الدنيا الشهير، العالم الأوحد الشيخ عبد الحي الكتاني (رحمه الله)، والحافظ سيدي أبي شعيب الدكالي في المشرق، والشيخ مولاي عبد الرحمن بن زيدان، والعلامة المرحوم الوزير الحجوي بمكناس، والشيخ العلامة محمد بن المؤقت المراكشي في داره بمراكش والأستاذ الأكبر قاضي سوس، والشيخ الهاشمي الفلالي في موطأ الإمام مالك (رحمه الله)، والأستاذ صالح بن الفضيل بالحرم النبوي الشريف، والعلامة الأشهر الشيخ سيدي حسن العلاوي المالكي المدرس بالحرم المكي.
وبعد رجوعه إلى مسقط رأسه و مزاولة دروسه أسس الأستاذ البوديلمي جريدة أسبوعية سماها "الذكرى"، وله تآليف عديدة، وتلاميذ كثيرون في كل العالم وزواياه في كل الأقطار العربية الإسلامية بل وحتى في أوروبا ،وآسيا و أمريكا وغيرها.
وكان إمام الجامع الأعظم بتلمسان ،ومفتي الديار التلمسانية ،وختم تفسير القرآن في ظرف عشرين سنة ،في الجامع المذكور، ورفع راية الإسلام أيام كانت الجزائر في حاجة إلى أبنائها، ولما تضلع وتشبع واستكمل من كل الفنون العلمية شرقا وغربا رغبه والده (قدس الله نفسه) سيدي محمد بن عبد الله، بأن يتصل بصوفي العارف بالله شهير وقته و فريد زمانه وعصره ،العارف بالله ، والصوفي الورع، الشيخ سيدي أبي العباس أحمد بن مصطفى العلوي (رحمه الله) بأن يأخذ عنه علم التصوف (العرفان والأخلاق) ،حتى يتربى على الطريقة المثلى للوصول الى الكمال ، وفعلا انتقل أستاذنا سيدي علي البوديلمي إلى مدينة غليزان مدرساً، وبدعوة من أهاليها بعدما كانت هناك مكاتبات في الموضوع، إلى أن جاء اللقاء بينه وبين الأستاذ العلاوي (رحمه الله) ، فأخذ عنه ، فكان منه ما كان فهو بحق مشعل رباني، وهو أيضا آخر القافلة، فقد جمع الله له علمي الحقيقة والشريعة، فهو عالم لهذا العصر بدون منازع .
(رضي الله عنه وأرضاه و وعطر قبره الشريف )

سيدي أحمد الزروق (رضي الله عنه)


سيدي أحمد الزروق (رضي الله عنه)



يقول عن نفسه رضي الله عنه : ولدت يوم الخميس عند طلوع الشمس 28 من شهر محرم 846 هجري و توفيت أمي يوم السبت بعده و أبي يوم الثلاثاء بعده، كلاهما في سابعي، فبقيت بعون الله بين جدتي الفقيهة أم البنين فكفلتني نفعنا الله بها و الفقيرة إلى رحمة الله, فكفلتني أم البنين حتى بلغت العشر فقرأت القرآن
فأدخلتني الصنعة, فتعلمت صناعة الخرز, ثم نقلني الله تعالى بعد بلوغي السادس عشر إلى القراءة فقرات الرسالة على الشيخ علي السطي و الشيخ عبد الله الفخار قراءة بحث و تحقيق, ثم قرأت القرآن على جماعة منهم القوري والزرهوني و كان رجلا صالحا, و المجاصي و الأستاذ الصغير كل ذلك بقراءة نافع, ثم اشتغلت بالتصوف و التوحيد, فأخذت الرسالة القدسية و عقائد الطوسي و عقائد السنوسي على الشيخ عبد الرحمن المجدولي وهو من تلاميذ الأبي, و أخذت بعض التنوير على أبي عبد الله القوري و سمعت عليه البخاري كثيرا و تفقهت عليه في كل من, أحكام عبد الحق الصغرى و جامع الترمذي " وأخذت ذلك تفقها " و صحبت من السالكين جماعة لا تحصى بين فقيه و فقير. و لفظ " زروق إنما جاءني من جهة الجد كان أزرق العينين و اكتسبه من أمه. إهـ
وهو من قبيلة البرانس البربرية التي تعيش في منطقة جبل البرانس ما بين فاس و تازة، و ولد رضي الله عنه في قرية تليوان بتلك المنطقة، لوالد كان من أهل الولاية والصلاح، حيث شيد على مدفنه في القرية بناية أنيقة تشتمل على مسجد جامع ومكان لسكن الإمام وتعرف بزاوية سيد أحمد زروق ولها أوقاف، ويحظى ضريح والده بتعظيم واحترام أهل القبيلة، وتشير السيرة التي كتبها الإمام إلى انه ولد وشب في مدينة فاس، وقد ورث زروق هذا اللقب عن جده الذي كان ازرق العينيين زرقة معروفة في العرق البربري، وحين ولد زروق اسماه أبوه محمدا، لكن ما لبث أن عرف باسم أبيه (أحمد) حين توفي الأب واحتفظ باسمه، وكان أحمد وحيد أبويه، وتوفي كلاهما في الأسبوع نفسه الذي تلا ميلاده نتيجة للطاعون الذي ضرب فاس في عام ولادته، وتربى في حجر جدته لأمه فاطمة والتي كانت تكنى بأم البنين أسوة بفاطمة بنت عبد الله الفهري وهي التي أنشأت جامع القرويين سنة 245 هــ، وكانت جدته سيدة فقيهة صالحة، وكانت الأسرة ذات عوز، وكانت الجدة ورعة صابرة، وحرصت الجدة على أن يشب حفيدها على خير وجه، فعلمته الصلاة وأمرته بها وهو ابن خمس، وأدخلته الكتاب في ذلك السن وعلمته التوحيد والتوكل والأيمان والديانة بطريقة ذكية، وكان تأثيرها على حفيدها عظيماً في صغره، ولما ناهز الاحتلام كانت تعينه بمالها على الاستقامة وتمنعه من الفساد، وتدربه على نضد الكتب ليتخذها وسيلة لتعلم القراءة للدين وحرفة لمعاشه، وكانت جدته أول من لقنه أصول السلوك وطرق التصرف في الحياة والمجتمع وساعدها في ذلك أفراد العائلة جميعهم، كما كان رضي الله عنه تلميذا مواظباً هادئاً في الكتاب، فأتم حفظ القران الكريم وهو ابن عشرة، كما تعلم الخرازة في تلك السن، وتوفيت جدته وهو في تلك السن، وتولى أحد أقاربه تربيته، وصار يكسب قوته بعد وفاة جدته كصبي خراز، حتى بلغ السادسة عشرة من عمره.
انتظم وهو ابن ستة عشر في سلك طلبة جامع القرويين والمدرسة العنانيه معاً، وصار يتردد عليهما لدراسة أمهات كتب المذهب المالكي والحديث والأصول وقواعد العربية، كما درس بعضاً من كتب التصوف، وتتلمذ على أشهر علماء فاس وفقهائها آنذاك، وعددهم يزيد على ثلاثين فقيهاً و محدثاً وفقيراً، كما درس أمهات الكتب، ومنها كتاب التنوير لابن عطاء الله السكندري، وبدأ صلته بمشايخ الطريقة الشاذلية وهو في العشرينات من عمره، فلزم مريدا للشيخ محمد الزيتوني بزاوية الشاذلية في فاس، وكتب تعليقه الأول على حكم ابن عطاء الله وهو في الرابعة والعشرين من عمره (عام 870 هــ ) وفي هذه السنة انطلق أحمد في سياحة أربعين يوماً كاملة بأمر شيخه، زار خلالها ضريح الشيخ شعيب أبو مدين بن الحسين ( المتوفى عام 596 هـ / 1198 م ) في تلمسان، وعاد إلى فاس بعد مخاطر عديدة قابلته في رحلته، وعناءً شديداً تكبده، ومكث في فاس بعدها ثلاث سنين مشتغلاً بالدرس والتأليف.
واتصل بشيوخ من البلاد المغاربية, كالشيخ الإمام عبد الرحمن الثعالبي و إبراهيم التازي و المشدالي و الشيخ حلواو و السراج الصغير و أحمد بن سعيد بن الحباك و ابن الرصّاع و الحافظ التنسي و الإمام السنوسي و ابن زكريا و أبو مهدي عيسى المواسي.
وفي عام 873هـ / 1468م . عزم زروق على أداء فريضة الحج، واستشار شيخه أحمد بن الحسن الغمارى فأشار عليه بأن يفعل وأذن له، فتحرك إلى القاهرة ومكث فيها فترة قصيرة، ثم غادرها إلى مكة والمدينة، وبعد أداء مناسك الحج لبث في المدينة مجاوراً مدة عام، حيث التقى ببعض مشايخ التصوف، ثم عاد من الحج إلى القاهرة واستقر فيها عام 876 هـ / 1471 م ، اتصل فيه بشيوخ التصوف وطرقه، وحضر الدروس في الأزهر، وكان من أهم من اتصل بهم من العلماء والمشايخ: محمد السخاوي، وأحمد بن حجر، وأبو اسحق التنوخي، ونور الدين السنهوري، و الولي شهاب الدين الأفشيطي و القطب أحمد بن عقبة الحضرمي و الذي أصبح مريدا في زاويته، وقرأ خلال تلك السنة من أمهات الكتاب في الفقه والحديث والتصوف، وبذلك اجتمع له في المغرب والمشرق شيوخ من الفقهاء والفقراء، وهو أمر أثر في مستقبل حياته وأفكاره، حيث رأى أن الفقه والتصوف موضوعان مترابطان، ومن هنا أطلق عليه لقب " الجامع بين الشريعة والحقيقة".
وقد كان للشيخ أحمد بن عقبة الحضرمي القادري اليمني والذي استوطن مصر تأثير كبير على الشيخ أحمد زروق، كما شهد من كراماته، وصحبه يستهدي بنصحه ثمانية شهور سلكه خلالها في طريقته القادرية وصار احد مريديه المخلصين، ثم قفل عائداً إلى بلده عام 877 هـ / 1473 م . وظل يتبادل الرسائل مع شيخه في طريق عودته إلى طرابلس الغرب فتونس و بجاية ( الجزائر) و فاس التي وصلها عام 879 هـ وخرج فقهاؤها لاستقباله على أطرافها، وعاش رضي الله عنه في فاس أربع سنوات كان خلالها دائم الهجوم على الفقهاء الجاهلين، والقراء المداهنين، والصوفية المنافقين في كثير من مؤلفاته ورسائله، وقد قوبل بصعوبة وسؤ فهم، إلا انه رغم كل الصعوبات استطاع إن يجمع بعض الأتباع الذي شكلوا فيما بعد نواة الطريقة الزروقية في المغرب، وقرر أن يهجر موطنه الأول الذي تنكر له إلى مستقر جديد، فقصد بجاية عام 884 هـ / 1479 م . حيث كان له رفاق وأتباع، ثم غادرها في أواخر سنة 884 هــ إلى القاهرة للاجتماع بشيخه الحضرمي، وقضى في القاهرة بقية العام و العام الذي يليه، و جدد علاقته مع العلماء، و صار شيخاً علماً له مكانته و يتحلق من حوله طلبة العلم و الأتباع، في السنة التالية ( 886 هــ / 1481 م ) قرر الشيخ السفر إلى مصراته بليبيا.
و قبل رحيله عن القاهرة ذهب لشيخه الحضرمي يودعه، فأخذ الحضرمي رقعة وكتب عليها هذين البيتين ورفعها إليه:
عش حامل الذكر بين الناس وارض به فذاك أسلم للدنيا وللدين
من خالط الناس لم تسلم ديانته و لم يزل بين تحريك و تسكين
و مصراته ثالث كبريات مدن ليبيا بعد طرابلس غرباً و بنغازي شرقاً، وهي مدينة كان سكانها عند الفتح الإسلامي بربراً خلصاً، و قد أقام الشيخ قبل استقراره بمصراته في طرابلس لفترة من الزمان و عرف مشاهير رجالها، ويعدّ بعضهم ضمن شيوخ زروق كأحمد بن عبد الرحمن اليزليتني المعروف بحلولو ، و علي الخروبي الطرابلسي وكان صديقاً حميماً للشيخ زروق و صار ابنه محمد احد أتباع الشيخ المخلصين .
جاء الشيخ إلى مصراته عام 886 هــ/ 1481 م وطاب له فيها المقام حيث قضى فيها بقية أيام حياته،وقد تكون المدينة أعجبته ببساطتها وصفائها، وبحياتها شبه البدوية ، ولعل ما ذكره المؤرخ الصوفي محمد بن ناصر الدرعي بعد مرور قرن من ذلك الزمان يصف مصراته ويقول: " وحسب مصراته أن زروق اختارها مسكناً وان الله اختارها له مدفناً، ذلك لما طبع عليه غالب أهلها من الحياء والتقشف ومحبة الصالحين والاعتناء بالمنتسب إلى طريقتهم ، ولما طبعوا عليه من الكلام من عدم الفحش، ولما فيهم من السخاء ولين الجانب للغريب ، وغير ذلك "
وقد كان من أقران الشيخ ولي مسلاته الشيخ عبد الواحد الدكالي وهو شيخ ولي زليتن الشهير عبد السلام الأسمر، حيث كان يأتي إليه الشيخ زروق من مصراته إلى بلد مسلاته على فرس حمراء وبيده رمح كما ذكر ذلك الشيخ عبد السلام الأسمر ، وقد أصاب الشيخ زروق في مصراته المكانة الرفيعة والتوقير العظيم من أهلها بسبب مكانته العلمية وشهرته الصوفية، وأصبح واحداً من أهلها ، وتجمع الطلبة والمريدون من حوله ، وصارت له الصدارة في مجالسهم ، وغدا ينشر علمه بين الناس في المسجد الذي كان يؤدي فيه صلاته قرب منزله، وتزوج أمة الجليل بنت أحمد بن زكريا المصراتي وحملت له ولدين وبنتاً ، فضلاً عن زوجته الفاسية فاطمة الزلاعية الني لحقت به من المغرب.
ولم يغادر مصراته بعد استقراره بها سوى مرتين ، الأولى سنة 91/ 892 هــ إلى الجزائر ليرعى بعض شؤونه هناك ويحضر أسرته، والثانية سنة 894 هـــ (1489م ) حيث أدى فريضة الحج للمرة الثالثة الأخيرة ، وقضى بعدها السنوات الأربع الباقية من حياته القصيرة الحافلة, أخذ عنه جماعة منهم الشمس اللقاني والشيخ محمد بن عبد الله الحطاب و الشيخ زين الدين طاهر القسنطيني نزيل مكة في جماعة.
وفي اليوم الثاني عشر من شهر صفر سنة 899 هـ ( 1493 م) وهي آخر سنه في سني القرن التاسع الهجري توفي أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى، زروق ، في خلوته، وعمره أربعة وخمسون عاماً ، وكان يدعو ربه أن يقبضه إليه قبل أن يشهد القرن العاشر، وقد استجاب الله لدعوته تلك ، وكان كل ما تركه من ارث بعده ، نصف فرس يشاركه فيها رجل مصراتي ، وبرنوساً أبيض وجبة وثوباً من الصوف ، ومسبحة أهداها إليها الحضرمي ، وأربعة عشر مجلداً من المؤلفات من مختلف الموضوعات .
لقد ولد فقيراً، وعاش فقيراً ومات فقيراً كما ولد وكما عاش رغم انتشار صيته وخدمة الدنيا وأهلها له.
أما النسوة والأولاد الذين خلفهم وراءه فهم زوجة زروق فاطمة الفاسية التي أنجبت له ولديه أحمد الأكبر وأحمد الأصغر ، وزوجته المصراتيه – امة الجليل – التي جاءته بإبنيه أحمد أبي الفتح وأحمد أبي الفضل بالإضافة إلى ابنته منها عائشة ، وقد توفي الثلاثة الأخيرين واحداً تلو الأخر ، أما ولداه أحمد الأكبر وأحمد الأصغر فقد غادرا مصراته بعد موته إلى المغرب، واستقر بهم الأمر في قسنطينة من مدن الجزائر ، وبعد فترة عاد ابنه أحمد الأصغر المعروف بأحمد الطالب إلى مصراته مرسلاً من قبل أخيه ليأخذ نصيب أمه وأخيه من ارث والده ويعود إلى الجزائر ، كما فاز ابنه أحمد الأكبر من ارث والده بسمعته وصيته ، وخلفه في شي من النفوذ على أتباعه بالجزائر ، ولم يسمع بعد هذا شي عن آل الشيخ زروق.
كان رضي الله عنه رجلاً قصيراً جميل الصورة ابيض البشرة، وكان يعاني من مرض يعاوده مدة أربعة أشهر بين الحين والأخر لمدة طويلة من عمره وكان خلال فترة مرضه لا يأكل سوى الزيتون الأسود، كما كان رضي الله عنه إنساناً خجولاً حيياً، و كان عصبيّ المزاج سريع الانفعال لحساسيته المفرطة وذلك قبل أن يبلغ الأربعين، ولم يبق شيء من ذلك بعد أن تجاوز الأربعين، وكان متواضعاً تقياً مرحاً لطيف المعشر وسهل المخالطة، وكان يخاطب أصحابه برقة ولطف ويناديهم بكني مضحكة أحياناً، وكان أتباعه سعداء كل السعادة بتلك الكنى.
وحين توفاه الله تكلم الناس من حوله عن تعدد كراماته وخوارقه، ولعل من أهم كراماته تلك الكنوز التي خلفها وراءه من المؤلفات العديدة والتي رغم ما فقد منها – وهو كثير – إلا أنها تشهد على انه رغم حياته القصيرة ترك تراثاً ثميناً وكبيراً وبأسلوب سهل ممتنع دقيق ومنظم.
و قد صنف المهتمون مؤلفات الشيخ زروق بحوالي 39 مؤلفاً في التصوف و 6 مؤلفات في الحديث و 10 مؤلفات في علم السيمياء ومؤلفان في السير الذاتية والتراجم وديوان شعر ومؤلفان في الطب ومؤلفان في تفسير القران الكريم وشرح الفاتحة و 10 مؤلفات في الفقه وثلاثة مؤلفات في علم الحروف ومؤلفان في العقائد ، فضلاً عن الشروح و التعليقات المختلفة، ومنها على سبيل التعريف 17 شرحاً للحكم العطائية.
تآليفه
- مفتاح السداد الفهمي في شرح (الإرشاد الفقهي) لابن عسكر البغدادي .
- شرح مختصر خليل في فقه المالكية.
- تعليق على مسلم
- شرح رسالة أبي زيد القيرواني
- علم مصطلح الحديث
- شرح الوغليسية.
- شرح القرطبية.
- شرح الغافقية.
- شرح العقيدة القدسية للغزالي.
- أكثر من عشرين شرح على حكم ابن عطاء.
- شرحان على حزب البحر.
- شرح الحزب الكبير لأبي الحسن الشاذلي و شرح مشكلاته.
- رسالة الأنس في التنبيه على عيوب النفس أو الرجز المعيوب
- رسالة في ترغيب سكنى المدينة
- شرح الدقائق والحقائق للتلمساني
- شرح الحقائق للمقلي.
- شرح قطع الششتري.
- شرح الأسماء الحسنى.
- شرح المراصد في التصوف لشيخه القطب أبي العباس أحمد بن عقبة الحضرمي.
- النصح الأنفع و الجنة للمعتصم من البدع بالسنة.
- مناسك الحج في الفقه
- إعانة المتوجه المسكين على طريق الفتح و التمكين.
- كتاب القواعد في التصوف.
- عدة المريد الصادق من أسباب المقت في بيان الطريق و ذكر حوادث الوقت " كتاب جليل في موضوعه فيه مائة فصل , بين فيه البدع التي يفعلها فقراء الصوفية".
- البدع والحوادث
- كتاب النصيحة الكافية لمن خصه الله بالعافية.
- تحفة المريد.
- الروضة.
- مزيل اللبس عن أدب أسرار القواعد الخمس.
- الكناشة.
- رسالة أصول الطريق
- شرح نظم ابن البناء الفاسي في التصوف.
- تعليق على البخاري "اقتصر فيه غالبا على ضبط الألفاظ للمحصلين لرياضة العلم و العمل

وبذلك صدقت عبارة الشيخ حين سأله خادمه أحمد عبد الرحيم يوماً بعد استقراره في مصراته: " إلا نبني هنا زاوية ونتخذ لها أوقافاً ؟ " وكان جواب الشيخ بالنفي القاطع وهو يقول : " يا أحمد نحن لا تفوح رائحة مسكنا إلا بعد ما نتسوس تحت التراب " و بعد وفاة الشيخ بعشرين عاماً كاملة كثر خلالها عدد الزائرين لضريحه ، وذاع صيته في الأفاق ، بنى أحمد عبد الرحيم جامعاً بجانب الضريح وعاش فيه ، وصار هذا الجامع بمرور الزمن " زاوية سيدي أحمد زروق" وأصبحت احد المعالم الرئيسية في المنطقة، ومعهداً دينياً معروفا في البلاد الليبية، يقصده كل من أتم حفظ الفران الكريم، ليقضى فيه فتره من الزمان يدرس خلالها اللغة العربية وأصول الفقه والشريعة والمعرفة الدينية الضرورية ، كما كانت مأوى للفقراء والمساكين ، ومقصداً للعلماء والفقهاء والصوفية من جميع أنحاء العالم الإسلامي ، وتتكون الزاوية من مسجد جامع وضريح الشيخ ومكتبة ومعهد لتحفيظ القران ، ولعل واقعها الآن لا يدل على ماضيها المشرق حيث تحتاج الزاوية إلى الإصلاح والتحديث.
كان للشيخ في حياته سلسلتان تصله أحداهما بالشيخ أبي الحسن الشاذلي، وتربطه الثانية بالشيخ عبد القادر الجيلاني ، وقد وضع الشيخ خلال حياته طريقة عرفت باسمه " الزروقية " يلحقها مؤرخو الطرق بالطريقة الشاذلية على أنها فرع منها ، وهي طريقة صوفية سنية اشتهرت في المغرب، وتفرع عنها ثلاثة عشر فرعاً تعتبر امتداداً لها، وانتشرت في الأقطار المغربية ومصر والحجاز ولبنان وفلسطين وجزيرة رودس وتشاد والنيجر، وسنفرد الحديث عنها في تصنيف أخر.
يفرغ المداد في الكتابة عن سيرة الشيخ زروق رحمه الله ولا يؤدّى حقه ، ونكتفي بما انقضى من الحديث عنه، ونختتم سيرته بذكر أسماء بعض تلاميذه: سيدي الشيخ إبراهيم الفحام و سيدي الشيخ عبد السلام الأسمر وليّ زليتن، والشيخ شمس الدين اللقاني المصري، والشيخ محمد علي الخروبي الولي الطرابلسي الشهير، وأبو حفصى عمر ألوزاني عالم الجزائر الشهير ، والشيخ أحمد بن يوسف الراشدي المصلح المشهور، وأبو راوي الفحل وليّ سوسة، وإبراهيم الخياط اليمني وكثير غيرهم ، ولم يقتصر تأثير الشيخ على تلاميذه، بل تعداه إلى تلاميذهم و تلاميذ تلاميذهم وهلم جرا، وفيما يلي باقة من أقوال الصالحين في الشيخ رحمه الله:
- " أنا دعوة زروق " أبو حفصى الوازني
- " إنه رأس السبعة الأبدال " محمد الزيتوني
- " الجامع بين الشريعة والحقيقة " قالها الكثير من العلماء
- " الولي الصالح المتبرك به حياً وميتا القطب " نور الدين الحسن اليوسي
- " من ليس في قلبه محبة زروق، فليس بمؤمن" أبو راوي الفحل
- " كان زاهداً ، فاضلاً ، منقطعاً إلى الله سبحانه وتعالى ، عارفاً به دالاً عليه، له همة عالية ، تخرج عليه جماعة، وانتفع به الناس شرقاً وغرباً، وله بركات ظاهرة ، وكرامات باهرة في الحياة وبعد الممات " محمد بن خليل بن غلبون صاحب التذكار
- "حجة الله في أرضه، ارتفع صيته عند الخاصة والكافة ، فهو كعبة الزوار، وحرم الأنوار ، ومعدن الأسرار ، الحي في قبره ، يتشعر ذلك كل من له ذوق سليم ، وطبع مستقيم" الحسين بن محمد السعيد الشريف الورثيلاني الجزائري.
- " هو قمة من قمم التصوف " الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر
- " لله دره ما اعلمه بالطريق وما اتبعه للسنة" عبد الرحمن الفكون
ونختتم سيرة الإمام أحمد زروق رحمه الله بأبيات من قصيدة لبعض أهل المحبة في الشيخ:
آ زروق أهل الله في كل برهة ومأوى العفاة في اليسار وفي العسر
فلا زلت للإحسان أهلا وموطناً ومأوى الخصال الساميات لدى الدهر
عليكم من الرحمن أزكى تحية وأسمى مهابات إلى الحشر والنشر
وصلى الذي ولاك مجداً وسؤدداً على المنتقى المبعوث للسود والحمر
و آله والأزواج طراً وصحبه ذوي النجدة الفيحاء والسادة الغرّ

تذييل
الشيخ الزروق وتسلسل حديث المصافحة
ذكر الشيخ محمد سليمان الروداني وهو عالم جليل ولد ونشأ وتعلم في المغرب وجاور بالحرمين وتوفي بدمشق سنة 1094 في سنده لروايته لحكم بن عطاء الله كما ذكره في حديث المصافحة حيث قال : " وأبو عثمان المغربي صافح أيضا محمد الخروبي الطرابلسي ، وهو صافح سيدي أحمد زروق، وهو صافح الشمس السخاوي..." إلى أن وصل إلى " خلف بن تميم قال :" دخلنا على أبي هرمز نعوده، فقال : دخلنا على انس بن مالك نعوده فقال : صافحت بكفي هذه كف رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فما مسست خزاً ولا حريراً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال أبو هرمز فقلنا لأنس : صافحنا بالكف التي صافحت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصافحنا فما مسست خزاً ولا حريراً ألين من كفه، وقال: السلام عليكم. قال خلف فقلنا لأبي هرمز : فصافحنا بالكف التي صافحت بها أنساً فصافحنا ، فما مسست خزاً ولا حريراً ألين من كفه، وقال: السلام عليكم ، وهكذا مسلسلاً بهذا إلى الشيخ زروق".
ومن الفوائد التي يعطيها حديث المصافحة هذا هي :
1. شدة الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والتعلق به ابتداء من الصحابة والتابعين ومن اقتدى بهم من بعدهم تقديراً وحباً وتبركاً.
2. إن بين يد رسول الله صلى الله عليه وسلم الشريفة و يد الشيخ زروق خمس عشرة يداً، وهي منقبة تزاد في مناقبه.
3.مشروعية التبرك بآثار الصالحين.

المصادر
البستان في ذكر الأولياء و العلماء بتلمسان لابن مريم التلمساني
جمع وتصنيف ترجمة الزروق للمهندس / نبيل معين عساف


أبو عبد الله الشريف التلمساني


أبو عبد الله الشريف التلمساني



أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي الشريف الإدريسي الحسني ،العلوي ، الفاطمي ،المحمدي ، الهاشمي ،القرشي ،التلمساني ، المشهور في بلاد المغرب الكبير بالشريف التلمساني ،هو العالم الأصولي و الفقيه العلامة ،من كبار علماء بلاد المغرب الإسلامي في زمانه ،ومن أهل القرن الثامن الهجري ولد سنة 710 هـ - 1310 م بقرية العلويين إحدى قرى أعمال تلمسان.
كان لا يدافع عن نسبه و لا يلتفت إلى من يطعن فيه.

نسبه :
كما وجد بخط ابنه أبي محمد عبد الله الغريق أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن يحي بن علي بن محمد بن القاسم بن حمود بن علي بن عبد الله بن ميمون بن عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف .
نشأته :
نشأ الشريف التلمساني في أسره علم ،و دين ،و نسب ،و وجاهة ،كان والده أبو العباس أحمد بن علي من فقهاء منطقة تلمسان بزمانه ،ووجهائها ،و خاله عبد الكريم من أهل التقوى و الصلاح و اليسار ، حرص على تنشئته و تربيته تربيه علمية و دينية في حاضرة بني زيان ،و عاصمة المغرب الأوسط تلمسان ،مدينة العلم و الإشعاع الفكري في العصر الوسيط .
بعد أن أخذ من معين علماء بلدته ارتحل إلى فاس وتلقى عن شيوخها ، ثم إلى تونس ولقي هناك عدة من العلماء استفاد من علمهم ، عاد بعد رحلته العلمية إلى مدينة تلمسان وجلس لتدريس العلوم الشرعية و العقلية حتى ذاع صيته بين الأمصار والأقطار فالتف حوله طلبة العلم من شتى البقاع .
محنته و غربته :
عايش الشريف التلمساني ،الكثير من الفتن التي وقعت بين بني مرين ملوك فاس وبني زيان ملوك تلمسان ،و قد أخذه أبو عنان المريني إلى فاس في جملة من أهل تلمسان بعد أن دخلها و صارت تحت حكمه فوجد من ذلك غربة ووحشة وكان قد سجنه لأنه شهد على ودائع للسلطان الزياني أبي سعيد الذي كان مقربا منه و لم يخبر بها أبا عنان ، إلى أن سرحه بعد ذلك صاحب فاس الوزير عمر بن عبد الله سنة 759 هـ إلى تلمسان و صاحبها أبي حمو موسى الثاني الزياني فاحتفى به هذا الأخير و أكرمه و بنا له المدرسة اليعقوبية التي ظل يدرس بها حتى وفاته.
صفاته :
قال ابن مريم في البستان : "و كان من أجمل الناس وجها و أهيبهم و أنوار الشرف في وجهه باهرة وقورا مهيبا ذا نفس كريمة و همة نزيهة رفيع الملبس بلا تصنع سري الهمة بلا تكبر حليما متوسطا في أموره قوي النفس يسرد القول في أخلاقه مؤيدا بطهارة ثقة عدلا ثبتا سلم له الأكابر بلا منازع أصدق الناس لهجة و أحفظهم مروءة مشفقا على الناس رحيما بهم يتلطف في هدايتهم لا يألو جهدا في إعانتهم و الرفق بهم و حسن اللقاء و مواساتهم و نصح العام كريم النفس طويل اليد رحب الراحة يعطي رفيع الكساء الرقيقة و نفقات عديدة ذا كرم واسع و كنف لين و بشاشة وصفاء قلب "
أسرته :
تزوج الشريف امرأتين كانت الأولى شريفة من قرابته كما ذكر ابن مريم و كانت الثانية أميرة زيانية و هي ابنة السطان أبي حمو الثاني الزياني العبدوادي الزناتي ، و خلف ولدين كانا من أكابر علماء بلاد المغرب هما :
أبو محمد عبد الله الشريف المعروف بالغريق ولد بتلمسان سنة 748 هـ 1347م ومات غرقا بالبحر لدى عودته من الأندلس سنة 792 هـ 1389م.
أبو يحي عبد الرحمن الشريف ولد بتلمسان سنة 757 هـ 1356م و توفي بها سنة 826 هـ 1422م.

علمه و آثاره :
كان الشريف التلمساني رحمه الله من أكابر العلماء المجددين ببلاد المغرب و قد كان بارعا في الفلك و الحساب و المنطق و التاريخ و الهندسة و الفلاحة إلى جانب علمه الوفير بعلوم الدين من تفسير و حديث و أصول الدين و كان إمام المغرب الإسلامي بزمانه . ذكره جملة من العلماء و المؤرخين ممن عرفوه و عايشوه منهم العلامة ابن خلدون و ابن مرزوق الحفيد. ترك الإمام التلمساني مصنفات كثيرة أشهرها :
مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول
مثارات الغلط
شرح جمل الخونجي
كتاب في القضاء و القدر
كتاب في المعاوضات أو المعاطاة
و عدة مصنفات أخرى و رسائل و فتاوي

وفاته :
توفي الشريف التلمساني رحمه الله سنة 771 هـ (1370 م) و قال السلطان أبو حمو موسى الثاني الزياني لابنه عبد الله : "ما مات من خلفك إنما مات أبوك لي لأنني أباهي به الملوك" و دفن بالمدرسة اليعقوبية مع أبي يعقوب والد السلطان أبي حمو وعمه السلطان أبي سعيد و هو ما يعرف اليوم بجامع سيدي إبراهيم المصمودي بمدينة تلمسان .

العلامة الشيخ محمد العربي التباني (رضي الله عنه)


العلامة الشيخ محمد العربي التباني (رضي الله عنه)



العلامة، الفقيه و المؤرخ، الأديب، والمؤلف الشيخ محمد العربي بن التباني بن الحسين بن عبد الرحمن بن يحيى السطايفي الجزائري المدرس بالحرمين الشريفين المدني والمكي .

ولادته :

هو العلامة الشيخ محمد العربي بن التباني بن الحسين بن عبدالرحمن بن يحيى بن مخلوف بن أبي القاسم بن علي بن عبد الواحد. لُقب بالتباني نسبة إلى أصوله التي تعود إلى أولاد تبان وهم بطن من المرتفع من الأثبج الهلاليين. ولد بمنطقة أولاد تبان بسطيف ،الجزائر ، سنة 1315هـجرية ، (حوالي 1897-1898 ملادية ) .

الدراسة والشيوخ :

تلقى تعليمه الأوّلي في كتّاب قريته حيث حفظ القرآن الكريم وعمره اثنا عشر عاماً، وحفظ معه بعض المتون كالأجرومية والعشماوية والجزرية. وقد تلقى هذه العلوم وهو في كفالة والده. ثم تلقي مبادئ العقائد والنحو والفقه على عدة مشايخ من أجلهم الشيخ عبدالله بن القاضي اليعلاوي رحمه الله تعالى. وبعد ذلك رحل إلى تونس ومكث بها أشهراً تلقى أثناءها دروسا في جامع الزيتونة المشهور في الفقه والنحو والصرف ودروسا في علم التجويد أداء وقراءة عبر نظم الجزرية مع حفظه لبعض المتون الأخرى غير التي حفظها في الجزائر. ثم رحل إلى المدينة المنورة قبيل الحرب العالمية فأدرك فيها مشايخ أجلاء لازم دروسهم، ومنهم الحافظ العلامة أحمد بن محمد خيرات الشنقيطي التندغي، وقرأ عليه مختصر خليل، والرسالة البيانية وسيرة ابن هشام والمعلقات السبع وديوان النابغة وسنن أبي داود.
ولازم أيضاً دروس العلامة حمدان الونيسي القسنطيني الجزائري (ت 1338 هـ /1920م) فقرأ عليه تفسير الجلالين و ألفية ابن مالك بشرح ابن عقيل.
ومن مشايخه أيضاً: الشيخ عبد العزيز التونسي (ت 1336 / م) حيث قرأ عليه قسماً من موطأ الإمام مالك بشرح الزرقاني، وقطعة من ألفية ابن مالك بشرح الأشموني. كما قرأ على قاضي قرية شنقيط المعلقات السبع ونظم أنساب العرب للحافظ البدوي الشنقيطي.
لينتقل بعد ذلك إلى المدينة المنورة حيث لازم فيها كبار العلماء و على رأسهم علماء مذهب إمام أهل المدينة الامام مالك، ومنهم:

العلامة أحمد بن محمد خيرات الشنقيطي التندغي (ت )
قرأ عليه شرح الشيخ الدردير على مختصر خليل بن اسحاق، والرسالة البيانية، وسيرة ابن هشام والمعلقات السبع وديوان النابغة وسنن أبي داود.
محمد محمود الشنقيطي
ثم رحل إلى دمشق حيث اغتنم إقامته بها لزيارة المكتبة الظاهرية ولا نعرف إن كان درس بها على علمائها.
بعد ذلك قصد أم القرى مكة المكرمة التي دخلها في شهر رجب عام 1336 هـ. وفيها أخذ عن:


عبد الرحمن الدهام (ت 1337 / م) قرأ عليه شرح شيخ الإسلام زكريا الأنصاري.
الشيخ مشتاق أحمد الهندي (ت )

كما كان مشهورا بحب المطالعة، إذ تمكن من ختم قراءة الكثير من الكتب.

التدريس :

عين مدرسا بمدرسة الفلاح بمكة المكرمة سنة 1338 / م. وبالموازاة مع وظيفته الرسمية كان يدرس بالحرم المكي الشريف بباب الزيادة ثم بحصوة باب العمرة "بين بابي الباسطية والزيادة"، بين المغرب والعشاء، خمس ليال في الأسبوع بداية.
ثم اختصر دروسه على ليلتي الجمعة والسبت في الحرم المكي حيث كان يدرس الجامع الصغير للحافظ السيوطي والسيرة. كما كان يدرس في منزله لكبار الطلبة يومياً.

كان يدرس الحديث والتفسير والأصول والبلاغة والتاريخ الإسلامي. معتمدا على العديد من أمهات الكتب و الأصول، كموطإ الامام مالك، والصحيحين والجامع الصغير للسيوطي في الحديث، و تفاسير البيضاوي والنسفي وابن كثير في تفسير القرآن العظيم، وجمع الجوامع وسيرة ابن هشام وعقود الجمان، الخ.
وللشيخ العربي التباني (رضي الله عنه) رأي في التأليف حيث جاء في حاشية كتابه (محادثة أهل الأدب بأخبار وأنساب جاهلية العرب)، قال: لا أميل إلى التأليف عملا بنظرية القائل ما ترك الأول للآخر شيئا..ً ثم قال: أستغفر الله من أن أقول هذا هضماً لحقوق العلماء الشارحين فإنهم عندي بالمكان الأعلى من التوقير والاحترام وما من شرح وحاشية إلا وفيه فوائد، ولكن أقول هذه الكثرة لم تنتج شيئاً يقارب علم الأقدمين فضلاً عن مساواته.

تلاميذه :

تخرج على يديه تلاميذ كثيرون أصبحوا بعده قناديل تضيء ساحات الحرم المكي ، منهم:
علوي بن عباس المالكي
محمد نور سيف بن هلال
محمد أمين كتبي
محمد علوي المالكي
حسن مشاط


مؤلفاته :

من بين كتبه المطبوعة:

1 _ إتحاف ذوي النجابة بما في القرآن الكريم والسنة النبوية من فضائل الصحابة
2 _ تحذير العبقري من محاضرات الخضري
3_ اعتقاد أهل الإيمان بنزول المسيح بن مريم عليه وعلى نبينا السلام آخر الزمان
4_ خلاصة الكلام فيما هو المراد بالمسجد الحرام
5_ إسعاف المسلمين والمسلمات بجواز القراءة ووصول ثوابها إلى الأموات
6_ تنبيه الباحث السري إلى ما في رسائل وتعاليق الكوثري
7_ براءة الأشعريين من عقائد المخالفين
8_ محادثة أهل الأدب بأخبار وأنساب جاهلية العرب


كما له بعض الكتب المخطوطة:

1_ حلبة الميدان ونزهة الفتيان في تراجم الفتاك والجشعان
2_ براءة الأبرار ونصيحة الأخبار من خطل الأغمار
3_ مختصر تاريخ دولة بني عثمان
4_ إدراك الغاية من تعقب ابن كثير في البداية


وفاته :

توفي في صفر 1390 هـجري/أبريل 1970ميلادي بمكة المكرمة، وصلي عليه بالمسجد الحرام ودفن بمقابر المعلاه .




الشيخ محمد أمقران بن مالك (رحمه الله)

الشيخ محمد أمقران بن مالك (رحمه الله)



ينحدر الشيخ محمد أمقران بن مالك (رحمه الله) من قرية "إيغيل نايت مالك" التابعة لبلدية بني ورثيلان شمال سطيف ، اشتهر بعلمه والنافع ، ودوره المشهود في الإصلاح الديني ، ترعرع بين أحضان العلماء والفضلاء ، يذكر ان المرحوم كان له علاقة طيبة مع العقيد عميروش الذي التقى به في مدرسته ،بقلعة بني عباس الذي كان يزورها كثيرا ، والذي لازمه الى غاية استشهاده .
التقى الشيخ محمد أمقرن بن مالك بنخبة من العلماء من بينهم ،محمد الغزالي وغيرهم ...

توفي الشيخ محمد أمقران بن مالك (رحمه الله) أمام مسجد أبا ذر الغفاري (رضي الله عنه) بلنقار بسطيف عن عمر يناهز 94 سنة بعد صراع طويل مع المرض ، يوم 29 من شهر أبريل سنة 2014 ميلادي الموافق ليوم 29 جمادى الثاني عام 1435 هجري ،(رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته)

الشيخ محمد بن الصالح حمر العين (رضي الله عنه)

الشيخ محمد بن الصالح حمر العين (رضي الله عنه)




وُلِد الشيخ محمد صالح حمر العين (رحمه الله) سنة 1926ميلادي ،عام 1344 هجري ، في قرية أولاد حمر العين، قرب بلدية بني عزيز بولاية سطيف. نشأ في بيئة علمية، إذ كان لعائلته شرف تأسيس زاوية ''العين'' التي تداول عليها جموع طلبة العلم من كلّ الأقطار، ومنهم ، عمّه ،وأخوه ،وأبوه ،الذين كانوا أقطابا كذلك في العلم. كما كانت أمّه فقيهة، درس ابنها على يدها أصول العقائد.
وقبل ذلك حفظ القرآن الكريم وعمره ثلاثة عشر عامًا، ودرس الفقه والنّحو والصرف والبلاغة والمنطق والحساب والفلك.. على يد مشايخه: بن عمارة الزلاجي، علي بن كسيرة، موسى بن كسيرة، عمر صباح الخلفاوي، الحسين بن قارة وغيرهم.
ولمّا اندلعت الثورة المباركة اضطر إلى مغادرة منطقة القبائل الّتي كان يُدرِّس فيها علوم الدِّين واللغة العربية، والتحق بالثورة عضوًا في لجنة قضائية تابعة لجيش التحرير الوطني ، وكان مقرّبًا من الى الكثير من العلماء ، وصديقًا لأغلبية شيوخ الزوايا في منطقة سطيف .
كان عالماً فاضلاً ،محباً للخير وأهله ،عاشقاً لآل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذريتهم .
بعد الاستقلال وظّف في التعليم مدة من الزمن ، وفي آخر حياته درس مجموعة من طلبة العلم ،الفقه المالكي ،كما أخذوا عنه دروساً في العقيدة الأشعرية ،وكان الفقيد (رحمة الله عليه) أضبط أهل سطيف لمذهب الإمام مالك، حتّى أن الأساتذة الجامعيين المختصين في الشريعة يلجأون إليه لفك المعضلات. ولم يترك الشيخ (رحمه الله) أيّ تأليفات سوى كتاب بإلحاح من تلامذته في شرح الآجرومية الذي كان يلقيه تباعًا في مسجد الشيخ المقراني بحي ''راسيدور''، زيادة على أنّ له شعرًا كثيرًا ضاع على مرّ الزمن .

توفي فضيلة الشيخ محمد صالح حمر العين (ضي الله عنه) وهو أحد أبرز علماء منطقة سطيف وفضلائها الأجلاء ، وهو العالم اللّغوي ، والفقيه ، والشاعر ، يوم الأربعاء 27 رجب سنة 1432هـجري ، الموافق لـ29 جوان عام 2011 ميلادي، عن عمر يناهز 85 . ويعود للشيخ الفضل البارز على كثير من أئمة وطلبة العلم بمدينة سطيف، ولايكاد أحدهم يجهل قيمته العلمية، بل درس أغلبهم على يديه صنوف العلم. فكان شارحًا للعديد من المراجع من أمهات الكتب مثل: الجوهرة، والرحبية والآجرومية ،وقطر الندى ،وألفية ابن مالك ،ومتن ابن عاشر ،ورسالة ابن أبي زيد ،ومختصر خليل.
و شُيِّعت جنازة الفقيد (رحمه الله) ، بمقبرة سيدي الخَيِّر (رحمه الله) ، مع العلم بأنّ أحد تلامذته القاطن بفرنسا تجشّم عناء السفر والحضور مراسم الجنازة ،(رحمه الله رحمة واسعة وألهمه فسيح جنانه)