الأربعاء، 19 نوفمبر 2014

الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني (حفظه الله)


الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني (حفظه الله)
شيخ الزاوية القاسمية بالهامل
نجم في سماء الطريقة الرحمانية



هو الشيخ محمد المؤمون القاسمي ،الإدريسي ،الحسني ،العلوي ،الفاطمي ، المحمدي ،الهاملي ،البوسعادي ،المسيلي ،الجزائري ،من علماء الجزائر وأعيان المذهب المالكي ومن أبرز شيوخ الطريقة الرحمانية ان لم نقل من زبدتهم وخلاصتهم لم يستقل من المرافعة عن الإعتدال ، والمساهمة الفعالة والمتميزة في صنع اللحمة بين المذاهب الإسلامية ،والتقريب بين الفرقاء وإن اختلفت مشاربهم وتعددت اتجاهاتهم وليس هذا كثيرٌ عليه وهو من طريقة مقاومة ليس بالسلاح فحسب ،بل بالدرس والقلم ،همها أن تنتصب بالحق الى الباطل ،وتستند الى النص لدفع الظلم ، وتستعمل الحكمة لتبديد البغي ومحق الفتنة .
شيوخها وطلبتها ومريدوها رموا بأنفسهم في اتون الثورة التحريرية الجزائرية ،واعتبروا هذا واجباً مقدساً ،تسقط دونه جميع الأعذار والمبررات والمسوغات ،وليس كبعض الطرق الدينية ،والمدارس الإسلامية ،الذين تقاعسوا عن تأييد الثورة المباركة ،في اللحظة الفارقة ،وانقضوا من ساحة الجهاد ، أو غادروا وانسحبوا منها ،لأن شأنهم محاربة الشكر والبدع ،وليس دفع العدو المستعمر (المستدمر) ،وطلب الوجاهة والسلطة ،والتمسح بالبرجوازية المادينية ،التي كان لها يد عند المستعمر (المستدمر) بحكم قربها منه واتقان لغته والإشتغال في ادارته ما أكسبها رفاهية ومسحة مدنية تطلب لأجلهما بالمشيخة والتقعر اللغوي .


التعريف بالشيخ :

هو الشيخ محمد المأمون بن مصطفى القاسمي الحسني بن محمد بن الحاج محمد ولد يوم الجمعة 25 من شهر فيفري (فبراير - شباط) سنة ميلادي 1944 المواف ل1 ربيع الأول سنة 1363 هجري ، من أبوين كريمين وفي عائلة شريفة متدينة معروفة بحب الخير وخدمتها للدين الحنيف ،نشأ في كنف أبويه الذين ربياه وهيآه وحضراه لقادم المهام والمسؤوليات المنتظرة ،وكان عند حسن الظن ،وكان خير خلف لخير سلف .
حفظ القرآن العظيم صيغيراً ،شأنه شأن بقية اخوته ،وتلقى مقدمات الدراسة الجوامعية (الدراسة الدينية) فدرس مبادئ اللغة العربية ، وعلم المنطق ،وعلمي التفسير والحديث ،ومقدمات في علم الفقه ،على نخبة من الأفاضل ،كما درس على يد والده الشيخ مصطفى القاسمي الحسني ،والشيخ بن عزوز ،والشيخ عبد الحفيظ ،بعد اكماله مرحلة المقدمات بالزاوية ،انتقل الى مرحلة السطوح فدرس علمي اصول الفقه والكلام ،بالإضافة الى دارسة التصوف النظري أو ما يعرف عند أهل الإختصاص بالعرفان .
تدرج في كثير من المسؤوليات وحظي بمشيخة الزاوية القاسمية بمنطقة الهامل التابعة الى دائرة بوسعادة بولاية المسيلة في الجزائر ،والتي تعتبر من أهم الزوايا العلمية التابعة للطريقة الرحمانية بالجزائر ،وهي مقر ملتقى فروع الزاوية الرحمانية في الجزائر ،وقد تولى مشيخة الزاوية سنة 1995 ميلادي ،بمباركة وتزكية أشراف وأعيان منطقة الهامل ،زيادة على دعم شيوخ الزوايا ،وكفاءة أهلية الشيخ -حفظه الله- العلمية والعملية .
تعهد وعقد العزم على أن يحقق حلم أخيه الراحل بأن يعود المعهد القاسمي الهاملي الى سالف عهده ومجده ،لتظل الزاوية العلمية ،معقلا للدعوة والإرشاد والتعليم .

ويؤثر عنه أنه قال كلمة مضيئة ولماحة :
(( الفتنة بين الشيعة والسنة مخطط صهيوني أمريكي غربي، وقد حذر من إثارة هذا الموضوع في وسائل الإعلام على أن يتم ترك هذه المهمة للمجالس الفقهية. ))
نأمل من وسائل الإعلام ومن الفضاء العمومي بصفة عامة أن يأخذ هذا التوجيه لفضيلة الشيخ - حفظه الله - بجد ،ونرجو من جميع شيوخ الزوايا أن يحذوا حذوه .

الأربعاء، 12 نوفمبر 2014

العلامة الشيخ محمد الطاهر آيت علجت



العلامة الشيخ محمد الطاهر آيت علجت




هو عالم و فقيه، لغوي، ومفسر، ومحدث، ومدرس، ومفتي، وإمام وخطيب جزائري ،ولد بقرية ثمقرة بمنطقة بني عيدل سنة 1917 ميلادي ،1335 هجري ،في عائلة متدينة ومحافظة .
دراسته :
كانت بداية داسته بزاوية سيدي يحيى العيدلي ،حفظ القرآن الكريم بزاوية جدّه الشيخ سيدي يحي العيدلي ، أين تلقى المبادئ الأولى لعلوم الأدب واللغة العربية على يد شيخه العلامة السعيد اليجري .
انتقاله الى الزاوية الحملاوية :
رحل العلامة الشيخ محمد الطاهر آيت عجت ، إلى زاوية الشيخ بالحملاوي بوادى العثمانية، قرب قسنطينة، حيث درس مختلف العلوم الشرعية، من فقه واصوله واللغة ومبادئها، كما تعداها إلى غيرها من العلوم الصحيحة كالحساب، والفلك، بالإضافة إلى العلوم الإنسانية كالتاريخ والجغرافية، .....
التدريس :
بعد تمكّنه من علوم النقل والعقل ،تصدّر للتعليم والتدريس والإفتاء في زاوية ثمقرة، وهذا قبل الحرب العالمية الثانية، فأحدث نهضة علمية إلى غاية 1956هـ. أنشأ نظاما خاصا بزاويته، شبيها بنظم المعاهد الإسلامية الكبرى، فكان تلامذته يلتحقون بالزيتونة بزاد من العلم والأدب يشرّف زاويتهم والقائم عليها.
تلاميذه :
تخرّج على يديه جملة من الطلبة المتمكنين، وما زال عطاؤه غير مجذوذ، فهو إلى يومنا هذا يعقد دروسا في الفقه والنحو وفن القراءات وغيرها من العلوم الشرعية بمسجد بوزيعة الجديد (مسجد الإمام مالك بن أنس) مكان إقامته . و من أبرز تلاميذه:
الوزير السابق المرحوم مولود قاسم نايت بلقاسم
الأستاذ الدكتور محمد الشريف قاهر
الشيخ أبو عبد السلام.

المشاركة في الثورة التحريرية :
شارك في الثورة الجزائرية المجيدة، هو وسائر طلبة الزاوية الذين التحقوا كلّهم بركب المجاهدين بعد أن قنبل الاحتلال الفرنسي زاويتهم في غشت 1956 م. سافر إلى تونس في أواخر سنة 1957 م بإشارة من العقيد عميروش الذي كان الشيخ يتولى منصب القضاء في كتيبة جيشه، كما كان يتولى فصل الخصومات. ثم انتقل إلى طرابلس الغرب بليبيا حيث عيّن عضوا في مكتب جبهة التحرير هناك.
التعليم الثانوي بعد الاستقلال :
بعد الاستقلال وفي سنة 1963 م ، عاد إلى الجزائر، وعيّن أستاذا بثانوية عقبة بن نافع بالجزائر العاصمة ،وثانوية عمارة رشيد ،بابن عكنون ،إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1978 م. ثمّ وبطلب من وزارة الشؤون الدينية، عاد إلى نشاطه المسجدي، ليمارس دروس الوعظ والإرشاد ،والخطابة ،وامامة الجمعة بمسجد الغزالي بحي حيدرة وغيره من المساجد.
رابطة الدعوة الإسلامية :
يعدّ الشيخ من الأعضاء البارزين ومن المؤسسين لرابطة الدعوة الإسلامية بالجزائر.
آثاره :
له مؤلفات في فنون كثيرة، كما هو الآن بصدد كتابة مذكرات تروي تاريخه وتاريخ الثورة الجزائرية، وتقييمه للأحداث ومواقفه عبر مسيرته الرائدة.
تسجيل صوتي لشرحه لرسالة ابن أبي زيد القيرواني.
حوار مع جريدة الشروق الجزائرية.
تقريظ لكتاب ملتقى الأدلة الأصلية والفرعية الموضحة للسالك فتح الرحيم المالك تأليف الشيخ محمد باي بلعالم إمام ومدرس بأولف، ولاية أدرار.

حفظه الله ورعاه، وأمد عمره بالصحة والعافية، وأدام بركاته علينا

سيدي محمد بلقايد الشريف الحسني الإدريسي ، التلمساني ''قدّس الله سرّه''


سيدي محمد بلقايد الشريف الحسني الإدريسي ، التلمساني
 ''قدّس الله سرّه''



الولـي الذاكـر ،ذي النسب الزاهر ،سيدي محمد بلقايد ،السيد الشريف ،الإدريسي ، الحسني ،العلوي ،الفاطمي ، المحمدي ،التلمساني ''قدّس الله سرّه'' أفضالٌ موهوبة ،ومزايا مكسوبة ، أسكنتهم السماء في عنانها ،ودثرتهم الكواكب بأنوارها ،أبت أشعة الشمس وأضوائها إلا أن تكون لهم ،كرسياً وأريكةً ،قوس قزح رايتهم ،وفلق الصبح تبسمهم ،ومايعقبه تنفسهم ،كرمهم انهمار المطر بعد قحط ،أو بحرٌ ليس له شط ،هم ذرية العترة ،وللجزائر سترة ،وللزهد والتقوى والورع سفرة ،سيدي محمد بلقايد وأبنائك وأهلك ومريدوك ،قليلٌ هذا في حقكم ،وأنتم من أنتم ،ثمار الشجرة الطيبة ،وجوهرة الفقه المالكي ،تعهدتموه حرصاً وحفظاً وحمايةً ،فكان له اليد الطولى ،لتماسك الشعب الجزائري ،بل في انشداده الى الإسلام ،أكثر من ذلك ،مناعة وحصناً ،ضد الذوبان ، والتميع ،والتسيب ،بالنظر الى المراحل الصعبة ،التي مر بها الشعب الجزائري أثناء فترة الإستدمار ،من نافل القول أن نذكر بدرع العقيدة الأشعرية ،وسيفها البتار ،بالمعنى البرهاني والحججي طبعاً ،ورشاقة وأناقة ،وتأنق وتألق ،تصوف الجنيد السالك ،محبة غامرة ،تشمل الخلق ،وتسامحٌ فائضٌ يأتي على ناشئة التعصب قبل أن تستوي خاطرة ،فضلاً عن أن تتشكل فكرةً ،مكتملةً ،واضحةً ،قابلةً للتصريف ،أوصالحة ،كعملة للتداول وشوقٌ الى اللقاء المنتظر ،يكابد المؤمن لوعته ،وشعوراً بالفقد ،يجمع الذات ويلمها ،ولايترك لها ثغرةً أو منفذاً ،يأتي منه من يخترق حرمها ،ويفسد عليها جمعيتها .
ولد الشريف سيدي ، محمد بلقايد ( رضي الله عنه ) بجوهرة الغرب الجزائري ، منطقة تلمسان ، (تلمسان هي منطقة تقع شمال غرب الجزائر ،غرب الجزائر العاصمة ، يحدها شمالا البحر الأبيض المتوسط وجنوبا ولاية النعامة وشرقا ولايتي عين تموشنت ،وسيدي بلعباس ، وغربا المغرب الأقصى. وهي التي تلقب بـ "لؤلؤة المغرب الإسلامي الكبير"، هي مركز ولاية تلمسان وعاصمتها ،وتعتبر ثاني مدينة من حيث الأهمية في الغرب الجزائري بعد مدينة وهران ، لها ماضي مجيد ومزدهر، ذات المعالم أندلسية متأصلة ،في العالم الإسلامي ، ولها مواقع طبيعية خلابة تعتبر منطقة تلمسان "مدينة الفن والتاريخ" كما كان يسميها جورج الفريد مارصي و هو مستشرق فرنسي ولد في رين يوم 11 مارس سنة 1876 م وتوفي في باريس يوم 20 مايو عام 1962 م) جاء الشريف محمد بلقايد (رضوان الله عليه) الى هذه الدنيا الفانية ،سنة ,1911 م ،في أسرة علمائية ،ينتهي نسبها الى الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) .
نسبه :
يننتهي نسب الشريف سيدي محمد يلقايد (رضي الله عنه) إلى ياقوتة الأنام سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء (رضي الله عنها) ، بنت الحبيب المصطفى وبضعته (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإلى باب مدينة العالم ،الخليفة الراشد سيدنا ومولانا أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (كرّم الله وجهه ورضي عنه وأرضاه) ·
ويمتد نسبه الروحي من حيث طريق القوم إلى سيدي محمد الهبري المتصل السند بمولانا العربي الدرقاوي، عن سيدنا أبي الحسن الشاذلي، عن سيدنا عبد السلام بن مشيش (رضي الله عنهم) وعن إخوانهم أجمعين·

ترعرع في بيت العزّ والشرف و اسرة العلم والتقوى والورع ،فحفظ القرآن الكريم في الثالثة عشرة من عمره الشريف، وارتوى من معين علمي الشريعة والحقيقة ، عن طريق علماء أجلاء بحاضرة تلمسان، وعن والده وجدّه (قدس الله سرهم أجمعين) ، وكانت له، في طلب العلم جولات ،وسياحات روحية ،عبر حواضر الوطن، وبلدان المغرب والمشرق العربيين، فأجازه الكثير من المشايخ الشوامخ، وتصدى للتربية الروحية في تواضع العارفين بالله تعالى ، فكان أهلا لها، وارتوى من ورده خلق كثير، إذ له أتباع في عدة جهات من المعمورة حيث طبقت شهرته الآفاق، ومن مريديه من هم ذائعو الصيت، ما زالت علومهم عن طريق مؤلفاتهم و- دروسهم المتلفزة والمذاعة - تشفي الغليل، أمثال العلاّمة الفهامة الشيخ سيدي متولي الشعراوي (رضي الله عنه)، الذي يظهر في الصورة المرفقة يجثو إجلالا لسيدي بلقايد، واعترافا بفضله وشكرا لله سبحانه وتعالى القائل عزّ من قائل: ''ولا تنسوا الفضل بينكم''، واقتداء بالحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) القائل:''من لم يشكر الناس لم يشكر الله''·
وقد أشفع الشيخ الشعراوي الفعل بالقول إذ منّ الله تعالى عليه - عقب خروجه من خلوة الشيخ بلقايد بسيدي عفيف (رضي الله عنه) بتلمسان - بقصيدة عصماء ستظلّ عربون وفاء، وعنوان تقدير وثناء، أبرز فيها مزايا الطريقة الهبرية وسجايا المنتسب إليها، والممثل لها سيدي محمد بلقايد (رضوان الله عليه) .
ويقول فيها:
نور الوجود وريُّ روح الوارد * هبرية تدنـي الوصـول لعابـد
تزهـو بسلسلـة لهـا ذهبيـة * من شاهدٍ للمصطفى عن شاهـد
طَوَّفتُ في شرق البلاد وغربها * وبحثتُ جهدي عن إمام رائـد
أشفي به ظمـأ لغيـب حقيقـة * وأهيمُ منه في جـلال مشاهـد
فهدانيَ الوهـابُ جـلّ جلالـه * حتى وجدت بتلمسان مقاصـدي
واليوم آخذُ نورها عن شيخنـا * محيِ الطريـقِ محمـد بلقايـد
ذقنا مواجيـد الحقيقـة عنـدهُ * وبه عرجنا في صفاء مصاعـد
عن شيخه الهبري درِّ كنـوزه * فاغنم لآلئـهُ وجـدّ وجاهـد
دنـدنْ بمـا لُقِّنتَـه مـن ورده * بصفاء نفـس متيّـم متواجـد
إيّاكَ من لفـتِ الفـؤادِ لغيـره * واجعل سبيلكَ واحـداً للواحـد
شاهد رسـول الله فيـه فإنّـه * إرثٌ توُورثَ ما جدا عن ماجـد
فإذا وصلتَ به لنور المصطفـى * فالمصطفـى لله أهـدى قـائـد
وهناك تكشِفُ كلّ سرّ غامـض * وتشاهد الملكوت مشهد راشـد
وإذا البصائرُ أينعـتْ ثمراتهـا * نالتْ بها الأبصارُ كـل شـوارد
لا تُلـقِ بـالاً للعـذولِ فـإنّـه * لا رأي قطُّ لفاقـد فـي واجـدِ
لو ذاقَ كانَ أحدّ منـك صبابـةً * لكنّـه الحرمـان لـجَّ بجاحـد
سر في طريقك يا مريد ولا تًعِرْ * أذناً لصيحـة منكـرٍ ومعانـد
لا يستوي عند العقولِ مجاهـدٌ * في الله قـوّامُ الدّجـى بالرّاقـد
اللهَ قلِ بحوى الهيـامِ وذرهـمُ * يتخبّطـونَ بكـل زورٍ فـاسـد
ثابر أخَيَّ علـى تجـارة رابـحٍ * واترك لحزبهمُ تجـارة كاسـد
اللهُ قصدكَ و الرّسولُ وسيلـةٌ * وخطاك خلـف محمـد بلقايـد

وستظل زاويته العامرة في سيدي معروف (رضي الله عنه) بوهران مقصد طلاب العلم، ومجمع العلماء لاسيما بعد ازديانها بسلاسل الدروس المحمدية التي تنوّر الفضاءات الثقافية في الجزائر وفي العالم الإسلامي مشفوعة بنفحات شهر رمضان المعظم ومقرونة ببركاته وخيراته، فالحمد لله والشكر لله·
توفي سيدي محمد بلقايد الإدريسي الحسني التلمساني (رضي الله عنه) بمدينة وهران يوم الجمعة 28 ربيع الثاني 1419 هـجري الموافق ل 21 أوت .1998ميلادي
و دفن في مقبرة العالم الربّاني سيدي السنوسي (رضي الله عنه) بمنطقة تلمسان .







الشيخ علي البوديلمي (رضي الله عنه)

الشيخ علي البوديلمي (رضي الله عنه)




ولد الشيخ علي البوديلمي (قدس سره) في يوم 15 جوان سنة 1909ميلادي بمنطقة المسيلة، (مسيلة هي ولاية جزائرية كما تعتبر نقطة وصل بين الشرق والغرب والشمال والجنوب ، يحدها من الشمال كل من ولايتي برج بوعريريج والبويرة ومن الشمال الشرقي ولاية سطيف و من الشمال الغربي ولاية المدية ،أما من الشرق فتحدها ولاية باتنة ،ومن الغرب و الجنوب الغربي ولاية الجلفة ،ومن الجنوب الشرقي ولاية بسكرة ، مناخها قاري وهي مركز وسط بين التل والصحراء ، ومعظم الولاية مستوية يبلغ ارتفاعها من 200 الى 300 م فوق سطح البحر ،و تلقب بعاصمة الحضنة ،لقبت بهذا الاسم لاحتضانها بين سلسلتي الأطلس التلي والأطلس الصحراوي .) ، وهو ابن الشيخ سيدي محمد ،بن عبد الله ،شيخ الطريقة الرحمانية الخلوتية ،بن عبد القادر بن بوزيان بن مبارك بن الموهوب ، الذي يتصل نسبه بالقطب الكبير المشهود له بالشرف والصلاح، سيدي محمد بن عزوز الديلمي العلامة الشهير المذكور في البستان من علماء تلمسان .
تعلم الشيخ علي البوديلمي (رضي الله عنه) القرآن الكريم، وختمه حفظاً في السابعة من عمره الشريف ،في زاوية أبيه، وتلقى مبادئ علوم اللغة العربية ومقدمات في الفقه واصوله وعلم الكلام عند والده ، وعلى جماعة من العلماء المتعاقبين بالزاوية، ثم انتقل إلى المعهد القاسمي ببوسعادة، فمكث فيه نحو سنة، ثم ارتحل إلى قسنطينة فزاول دروسه على رجال فطاحل في العلم، كالأستاذ عبد الحميد القسنطيني ، نحو سبع سنوات ونصف، وولي الله العالم الشيخ أحمد الحبيباتني، والعلامة السيد الزواوي الفاكون، والفقيه الشيخ الطاهر ذكوطة، والشيخ يحي الدراجي، فلازم هؤلاء المشايخ سنين عديدة بجد واجتهاد متوال، حتى تحصل منهم على الإذن التام، وأجازوه بخطوط أيديهم، ثم هاجر مرة أخرى إلى تونس فأقام بجامع الزيتونة، فاستكمل معارفه هناك، على مشايخ إختارهم لنفسه، وواضب على مجالسهم، كالأستاذ مناشو، والأستاذ بن القاضي، والأستاذ أبى الحسن النجار، والأستاذ الزغوتيني، والأستاذ بالخوجة، والأستاذ المختار بن محمود، والأستاذ شيخ الإسلام الطاهر بن عاشور في التفسير سنوات عديدة.
ثم هاجر إلى المغرب الأقصى، فمكث بجامع القرويين مدة وانتقل الى مناطق اخرى ،وأخذ علم الحديث ،رواية ودراية، وأجيز من محدث المغرب وعالم الدنيا الشهير، العالم الأوحد الشيخ عبد الحي الكتاني (رحمه الله)، والحافظ سيدي أبي شعيب الدكالي في المشرق، والشيخ مولاي عبد الرحمن بن زيدان، والعلامة المرحوم الوزير الحجوي بمكناس، والشيخ العلامة محمد بن المؤقت المراكشي في داره بمراكش والأستاذ الأكبر قاضي سوس، والشيخ الهاشمي الفلالي في موطأ الإمام مالك (رحمه الله)، والأستاذ صالح بن الفضيل بالحرم النبوي الشريف، والعلامة الأشهر الشيخ سيدي حسن العلاوي المالكي المدرس بالحرم المكي.
وبعد رجوعه إلى مسقط رأسه و مزاولة دروسه أسس الأستاذ البوديلمي جريدة أسبوعية سماها "الذكرى"، وله تآليف عديدة، وتلاميذ كثيرون في كل العالم وزواياه في كل الأقطار العربية الإسلامية بل وحتى في أوروبا ،وآسيا و أمريكا وغيرها.
وكان إمام الجامع الأعظم بتلمسان ،ومفتي الديار التلمسانية ،وختم تفسير القرآن في ظرف عشرين سنة ،في الجامع المذكور، ورفع راية الإسلام أيام كانت الجزائر في حاجة إلى أبنائها، ولما تضلع وتشبع واستكمل من كل الفنون العلمية شرقا وغربا رغبه والده (قدس الله نفسه) سيدي محمد بن عبد الله، بأن يتصل بصوفي العارف بالله شهير وقته و فريد زمانه وعصره ،العارف بالله ، والصوفي الورع، الشيخ سيدي أبي العباس أحمد بن مصطفى العلوي (رحمه الله) بأن يأخذ عنه علم التصوف (العرفان والأخلاق) ،حتى يتربى على الطريقة المثلى للوصول الى الكمال ، وفعلا انتقل أستاذنا سيدي علي البوديلمي إلى مدينة غليزان مدرساً، وبدعوة من أهاليها بعدما كانت هناك مكاتبات في الموضوع، إلى أن جاء اللقاء بينه وبين الأستاذ العلاوي (رحمه الله) ، فأخذ عنه ، فكان منه ما كان فهو بحق مشعل رباني، وهو أيضا آخر القافلة، فقد جمع الله له علمي الحقيقة والشريعة، فهو عالم لهذا العصر بدون منازع .
(رضي الله عنه وأرضاه و وعطر قبره الشريف )

سيدي أحمد الزروق (رضي الله عنه)


سيدي أحمد الزروق (رضي الله عنه)



يقول عن نفسه رضي الله عنه : ولدت يوم الخميس عند طلوع الشمس 28 من شهر محرم 846 هجري و توفيت أمي يوم السبت بعده و أبي يوم الثلاثاء بعده، كلاهما في سابعي، فبقيت بعون الله بين جدتي الفقيهة أم البنين فكفلتني نفعنا الله بها و الفقيرة إلى رحمة الله, فكفلتني أم البنين حتى بلغت العشر فقرأت القرآن
فأدخلتني الصنعة, فتعلمت صناعة الخرز, ثم نقلني الله تعالى بعد بلوغي السادس عشر إلى القراءة فقرات الرسالة على الشيخ علي السطي و الشيخ عبد الله الفخار قراءة بحث و تحقيق, ثم قرأت القرآن على جماعة منهم القوري والزرهوني و كان رجلا صالحا, و المجاصي و الأستاذ الصغير كل ذلك بقراءة نافع, ثم اشتغلت بالتصوف و التوحيد, فأخذت الرسالة القدسية و عقائد الطوسي و عقائد السنوسي على الشيخ عبد الرحمن المجدولي وهو من تلاميذ الأبي, و أخذت بعض التنوير على أبي عبد الله القوري و سمعت عليه البخاري كثيرا و تفقهت عليه في كل من, أحكام عبد الحق الصغرى و جامع الترمذي " وأخذت ذلك تفقها " و صحبت من السالكين جماعة لا تحصى بين فقيه و فقير. و لفظ " زروق إنما جاءني من جهة الجد كان أزرق العينين و اكتسبه من أمه. إهـ
وهو من قبيلة البرانس البربرية التي تعيش في منطقة جبل البرانس ما بين فاس و تازة، و ولد رضي الله عنه في قرية تليوان بتلك المنطقة، لوالد كان من أهل الولاية والصلاح، حيث شيد على مدفنه في القرية بناية أنيقة تشتمل على مسجد جامع ومكان لسكن الإمام وتعرف بزاوية سيد أحمد زروق ولها أوقاف، ويحظى ضريح والده بتعظيم واحترام أهل القبيلة، وتشير السيرة التي كتبها الإمام إلى انه ولد وشب في مدينة فاس، وقد ورث زروق هذا اللقب عن جده الذي كان ازرق العينيين زرقة معروفة في العرق البربري، وحين ولد زروق اسماه أبوه محمدا، لكن ما لبث أن عرف باسم أبيه (أحمد) حين توفي الأب واحتفظ باسمه، وكان أحمد وحيد أبويه، وتوفي كلاهما في الأسبوع نفسه الذي تلا ميلاده نتيجة للطاعون الذي ضرب فاس في عام ولادته، وتربى في حجر جدته لأمه فاطمة والتي كانت تكنى بأم البنين أسوة بفاطمة بنت عبد الله الفهري وهي التي أنشأت جامع القرويين سنة 245 هــ، وكانت جدته سيدة فقيهة صالحة، وكانت الأسرة ذات عوز، وكانت الجدة ورعة صابرة، وحرصت الجدة على أن يشب حفيدها على خير وجه، فعلمته الصلاة وأمرته بها وهو ابن خمس، وأدخلته الكتاب في ذلك السن وعلمته التوحيد والتوكل والأيمان والديانة بطريقة ذكية، وكان تأثيرها على حفيدها عظيماً في صغره، ولما ناهز الاحتلام كانت تعينه بمالها على الاستقامة وتمنعه من الفساد، وتدربه على نضد الكتب ليتخذها وسيلة لتعلم القراءة للدين وحرفة لمعاشه، وكانت جدته أول من لقنه أصول السلوك وطرق التصرف في الحياة والمجتمع وساعدها في ذلك أفراد العائلة جميعهم، كما كان رضي الله عنه تلميذا مواظباً هادئاً في الكتاب، فأتم حفظ القران الكريم وهو ابن عشرة، كما تعلم الخرازة في تلك السن، وتوفيت جدته وهو في تلك السن، وتولى أحد أقاربه تربيته، وصار يكسب قوته بعد وفاة جدته كصبي خراز، حتى بلغ السادسة عشرة من عمره.
انتظم وهو ابن ستة عشر في سلك طلبة جامع القرويين والمدرسة العنانيه معاً، وصار يتردد عليهما لدراسة أمهات كتب المذهب المالكي والحديث والأصول وقواعد العربية، كما درس بعضاً من كتب التصوف، وتتلمذ على أشهر علماء فاس وفقهائها آنذاك، وعددهم يزيد على ثلاثين فقيهاً و محدثاً وفقيراً، كما درس أمهات الكتب، ومنها كتاب التنوير لابن عطاء الله السكندري، وبدأ صلته بمشايخ الطريقة الشاذلية وهو في العشرينات من عمره، فلزم مريدا للشيخ محمد الزيتوني بزاوية الشاذلية في فاس، وكتب تعليقه الأول على حكم ابن عطاء الله وهو في الرابعة والعشرين من عمره (عام 870 هــ ) وفي هذه السنة انطلق أحمد في سياحة أربعين يوماً كاملة بأمر شيخه، زار خلالها ضريح الشيخ شعيب أبو مدين بن الحسين ( المتوفى عام 596 هـ / 1198 م ) في تلمسان، وعاد إلى فاس بعد مخاطر عديدة قابلته في رحلته، وعناءً شديداً تكبده، ومكث في فاس بعدها ثلاث سنين مشتغلاً بالدرس والتأليف.
واتصل بشيوخ من البلاد المغاربية, كالشيخ الإمام عبد الرحمن الثعالبي و إبراهيم التازي و المشدالي و الشيخ حلواو و السراج الصغير و أحمد بن سعيد بن الحباك و ابن الرصّاع و الحافظ التنسي و الإمام السنوسي و ابن زكريا و أبو مهدي عيسى المواسي.
وفي عام 873هـ / 1468م . عزم زروق على أداء فريضة الحج، واستشار شيخه أحمد بن الحسن الغمارى فأشار عليه بأن يفعل وأذن له، فتحرك إلى القاهرة ومكث فيها فترة قصيرة، ثم غادرها إلى مكة والمدينة، وبعد أداء مناسك الحج لبث في المدينة مجاوراً مدة عام، حيث التقى ببعض مشايخ التصوف، ثم عاد من الحج إلى القاهرة واستقر فيها عام 876 هـ / 1471 م ، اتصل فيه بشيوخ التصوف وطرقه، وحضر الدروس في الأزهر، وكان من أهم من اتصل بهم من العلماء والمشايخ: محمد السخاوي، وأحمد بن حجر، وأبو اسحق التنوخي، ونور الدين السنهوري، و الولي شهاب الدين الأفشيطي و القطب أحمد بن عقبة الحضرمي و الذي أصبح مريدا في زاويته، وقرأ خلال تلك السنة من أمهات الكتاب في الفقه والحديث والتصوف، وبذلك اجتمع له في المغرب والمشرق شيوخ من الفقهاء والفقراء، وهو أمر أثر في مستقبل حياته وأفكاره، حيث رأى أن الفقه والتصوف موضوعان مترابطان، ومن هنا أطلق عليه لقب " الجامع بين الشريعة والحقيقة".
وقد كان للشيخ أحمد بن عقبة الحضرمي القادري اليمني والذي استوطن مصر تأثير كبير على الشيخ أحمد زروق، كما شهد من كراماته، وصحبه يستهدي بنصحه ثمانية شهور سلكه خلالها في طريقته القادرية وصار احد مريديه المخلصين، ثم قفل عائداً إلى بلده عام 877 هـ / 1473 م . وظل يتبادل الرسائل مع شيخه في طريق عودته إلى طرابلس الغرب فتونس و بجاية ( الجزائر) و فاس التي وصلها عام 879 هـ وخرج فقهاؤها لاستقباله على أطرافها، وعاش رضي الله عنه في فاس أربع سنوات كان خلالها دائم الهجوم على الفقهاء الجاهلين، والقراء المداهنين، والصوفية المنافقين في كثير من مؤلفاته ورسائله، وقد قوبل بصعوبة وسؤ فهم، إلا انه رغم كل الصعوبات استطاع إن يجمع بعض الأتباع الذي شكلوا فيما بعد نواة الطريقة الزروقية في المغرب، وقرر أن يهجر موطنه الأول الذي تنكر له إلى مستقر جديد، فقصد بجاية عام 884 هـ / 1479 م . حيث كان له رفاق وأتباع، ثم غادرها في أواخر سنة 884 هــ إلى القاهرة للاجتماع بشيخه الحضرمي، وقضى في القاهرة بقية العام و العام الذي يليه، و جدد علاقته مع العلماء، و صار شيخاً علماً له مكانته و يتحلق من حوله طلبة العلم و الأتباع، في السنة التالية ( 886 هــ / 1481 م ) قرر الشيخ السفر إلى مصراته بليبيا.
و قبل رحيله عن القاهرة ذهب لشيخه الحضرمي يودعه، فأخذ الحضرمي رقعة وكتب عليها هذين البيتين ورفعها إليه:
عش حامل الذكر بين الناس وارض به فذاك أسلم للدنيا وللدين
من خالط الناس لم تسلم ديانته و لم يزل بين تحريك و تسكين
و مصراته ثالث كبريات مدن ليبيا بعد طرابلس غرباً و بنغازي شرقاً، وهي مدينة كان سكانها عند الفتح الإسلامي بربراً خلصاً، و قد أقام الشيخ قبل استقراره بمصراته في طرابلس لفترة من الزمان و عرف مشاهير رجالها، ويعدّ بعضهم ضمن شيوخ زروق كأحمد بن عبد الرحمن اليزليتني المعروف بحلولو ، و علي الخروبي الطرابلسي وكان صديقاً حميماً للشيخ زروق و صار ابنه محمد احد أتباع الشيخ المخلصين .
جاء الشيخ إلى مصراته عام 886 هــ/ 1481 م وطاب له فيها المقام حيث قضى فيها بقية أيام حياته،وقد تكون المدينة أعجبته ببساطتها وصفائها، وبحياتها شبه البدوية ، ولعل ما ذكره المؤرخ الصوفي محمد بن ناصر الدرعي بعد مرور قرن من ذلك الزمان يصف مصراته ويقول: " وحسب مصراته أن زروق اختارها مسكناً وان الله اختارها له مدفناً، ذلك لما طبع عليه غالب أهلها من الحياء والتقشف ومحبة الصالحين والاعتناء بالمنتسب إلى طريقتهم ، ولما طبعوا عليه من الكلام من عدم الفحش، ولما فيهم من السخاء ولين الجانب للغريب ، وغير ذلك "
وقد كان من أقران الشيخ ولي مسلاته الشيخ عبد الواحد الدكالي وهو شيخ ولي زليتن الشهير عبد السلام الأسمر، حيث كان يأتي إليه الشيخ زروق من مصراته إلى بلد مسلاته على فرس حمراء وبيده رمح كما ذكر ذلك الشيخ عبد السلام الأسمر ، وقد أصاب الشيخ زروق في مصراته المكانة الرفيعة والتوقير العظيم من أهلها بسبب مكانته العلمية وشهرته الصوفية، وأصبح واحداً من أهلها ، وتجمع الطلبة والمريدون من حوله ، وصارت له الصدارة في مجالسهم ، وغدا ينشر علمه بين الناس في المسجد الذي كان يؤدي فيه صلاته قرب منزله، وتزوج أمة الجليل بنت أحمد بن زكريا المصراتي وحملت له ولدين وبنتاً ، فضلاً عن زوجته الفاسية فاطمة الزلاعية الني لحقت به من المغرب.
ولم يغادر مصراته بعد استقراره بها سوى مرتين ، الأولى سنة 91/ 892 هــ إلى الجزائر ليرعى بعض شؤونه هناك ويحضر أسرته، والثانية سنة 894 هـــ (1489م ) حيث أدى فريضة الحج للمرة الثالثة الأخيرة ، وقضى بعدها السنوات الأربع الباقية من حياته القصيرة الحافلة, أخذ عنه جماعة منهم الشمس اللقاني والشيخ محمد بن عبد الله الحطاب و الشيخ زين الدين طاهر القسنطيني نزيل مكة في جماعة.
وفي اليوم الثاني عشر من شهر صفر سنة 899 هـ ( 1493 م) وهي آخر سنه في سني القرن التاسع الهجري توفي أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى، زروق ، في خلوته، وعمره أربعة وخمسون عاماً ، وكان يدعو ربه أن يقبضه إليه قبل أن يشهد القرن العاشر، وقد استجاب الله لدعوته تلك ، وكان كل ما تركه من ارث بعده ، نصف فرس يشاركه فيها رجل مصراتي ، وبرنوساً أبيض وجبة وثوباً من الصوف ، ومسبحة أهداها إليها الحضرمي ، وأربعة عشر مجلداً من المؤلفات من مختلف الموضوعات .
لقد ولد فقيراً، وعاش فقيراً ومات فقيراً كما ولد وكما عاش رغم انتشار صيته وخدمة الدنيا وأهلها له.
أما النسوة والأولاد الذين خلفهم وراءه فهم زوجة زروق فاطمة الفاسية التي أنجبت له ولديه أحمد الأكبر وأحمد الأصغر ، وزوجته المصراتيه – امة الجليل – التي جاءته بإبنيه أحمد أبي الفتح وأحمد أبي الفضل بالإضافة إلى ابنته منها عائشة ، وقد توفي الثلاثة الأخيرين واحداً تلو الأخر ، أما ولداه أحمد الأكبر وأحمد الأصغر فقد غادرا مصراته بعد موته إلى المغرب، واستقر بهم الأمر في قسنطينة من مدن الجزائر ، وبعد فترة عاد ابنه أحمد الأصغر المعروف بأحمد الطالب إلى مصراته مرسلاً من قبل أخيه ليأخذ نصيب أمه وأخيه من ارث والده ويعود إلى الجزائر ، كما فاز ابنه أحمد الأكبر من ارث والده بسمعته وصيته ، وخلفه في شي من النفوذ على أتباعه بالجزائر ، ولم يسمع بعد هذا شي عن آل الشيخ زروق.
كان رضي الله عنه رجلاً قصيراً جميل الصورة ابيض البشرة، وكان يعاني من مرض يعاوده مدة أربعة أشهر بين الحين والأخر لمدة طويلة من عمره وكان خلال فترة مرضه لا يأكل سوى الزيتون الأسود، كما كان رضي الله عنه إنساناً خجولاً حيياً، و كان عصبيّ المزاج سريع الانفعال لحساسيته المفرطة وذلك قبل أن يبلغ الأربعين، ولم يبق شيء من ذلك بعد أن تجاوز الأربعين، وكان متواضعاً تقياً مرحاً لطيف المعشر وسهل المخالطة، وكان يخاطب أصحابه برقة ولطف ويناديهم بكني مضحكة أحياناً، وكان أتباعه سعداء كل السعادة بتلك الكنى.
وحين توفاه الله تكلم الناس من حوله عن تعدد كراماته وخوارقه، ولعل من أهم كراماته تلك الكنوز التي خلفها وراءه من المؤلفات العديدة والتي رغم ما فقد منها – وهو كثير – إلا أنها تشهد على انه رغم حياته القصيرة ترك تراثاً ثميناً وكبيراً وبأسلوب سهل ممتنع دقيق ومنظم.
و قد صنف المهتمون مؤلفات الشيخ زروق بحوالي 39 مؤلفاً في التصوف و 6 مؤلفات في الحديث و 10 مؤلفات في علم السيمياء ومؤلفان في السير الذاتية والتراجم وديوان شعر ومؤلفان في الطب ومؤلفان في تفسير القران الكريم وشرح الفاتحة و 10 مؤلفات في الفقه وثلاثة مؤلفات في علم الحروف ومؤلفان في العقائد ، فضلاً عن الشروح و التعليقات المختلفة، ومنها على سبيل التعريف 17 شرحاً للحكم العطائية.
تآليفه
- مفتاح السداد الفهمي في شرح (الإرشاد الفقهي) لابن عسكر البغدادي .
- شرح مختصر خليل في فقه المالكية.
- تعليق على مسلم
- شرح رسالة أبي زيد القيرواني
- علم مصطلح الحديث
- شرح الوغليسية.
- شرح القرطبية.
- شرح الغافقية.
- شرح العقيدة القدسية للغزالي.
- أكثر من عشرين شرح على حكم ابن عطاء.
- شرحان على حزب البحر.
- شرح الحزب الكبير لأبي الحسن الشاذلي و شرح مشكلاته.
- رسالة الأنس في التنبيه على عيوب النفس أو الرجز المعيوب
- رسالة في ترغيب سكنى المدينة
- شرح الدقائق والحقائق للتلمساني
- شرح الحقائق للمقلي.
- شرح قطع الششتري.
- شرح الأسماء الحسنى.
- شرح المراصد في التصوف لشيخه القطب أبي العباس أحمد بن عقبة الحضرمي.
- النصح الأنفع و الجنة للمعتصم من البدع بالسنة.
- مناسك الحج في الفقه
- إعانة المتوجه المسكين على طريق الفتح و التمكين.
- كتاب القواعد في التصوف.
- عدة المريد الصادق من أسباب المقت في بيان الطريق و ذكر حوادث الوقت " كتاب جليل في موضوعه فيه مائة فصل , بين فيه البدع التي يفعلها فقراء الصوفية".
- البدع والحوادث
- كتاب النصيحة الكافية لمن خصه الله بالعافية.
- تحفة المريد.
- الروضة.
- مزيل اللبس عن أدب أسرار القواعد الخمس.
- الكناشة.
- رسالة أصول الطريق
- شرح نظم ابن البناء الفاسي في التصوف.
- تعليق على البخاري "اقتصر فيه غالبا على ضبط الألفاظ للمحصلين لرياضة العلم و العمل

وبذلك صدقت عبارة الشيخ حين سأله خادمه أحمد عبد الرحيم يوماً بعد استقراره في مصراته: " إلا نبني هنا زاوية ونتخذ لها أوقافاً ؟ " وكان جواب الشيخ بالنفي القاطع وهو يقول : " يا أحمد نحن لا تفوح رائحة مسكنا إلا بعد ما نتسوس تحت التراب " و بعد وفاة الشيخ بعشرين عاماً كاملة كثر خلالها عدد الزائرين لضريحه ، وذاع صيته في الأفاق ، بنى أحمد عبد الرحيم جامعاً بجانب الضريح وعاش فيه ، وصار هذا الجامع بمرور الزمن " زاوية سيدي أحمد زروق" وأصبحت احد المعالم الرئيسية في المنطقة، ومعهداً دينياً معروفا في البلاد الليبية، يقصده كل من أتم حفظ الفران الكريم، ليقضى فيه فتره من الزمان يدرس خلالها اللغة العربية وأصول الفقه والشريعة والمعرفة الدينية الضرورية ، كما كانت مأوى للفقراء والمساكين ، ومقصداً للعلماء والفقهاء والصوفية من جميع أنحاء العالم الإسلامي ، وتتكون الزاوية من مسجد جامع وضريح الشيخ ومكتبة ومعهد لتحفيظ القران ، ولعل واقعها الآن لا يدل على ماضيها المشرق حيث تحتاج الزاوية إلى الإصلاح والتحديث.
كان للشيخ في حياته سلسلتان تصله أحداهما بالشيخ أبي الحسن الشاذلي، وتربطه الثانية بالشيخ عبد القادر الجيلاني ، وقد وضع الشيخ خلال حياته طريقة عرفت باسمه " الزروقية " يلحقها مؤرخو الطرق بالطريقة الشاذلية على أنها فرع منها ، وهي طريقة صوفية سنية اشتهرت في المغرب، وتفرع عنها ثلاثة عشر فرعاً تعتبر امتداداً لها، وانتشرت في الأقطار المغربية ومصر والحجاز ولبنان وفلسطين وجزيرة رودس وتشاد والنيجر، وسنفرد الحديث عنها في تصنيف أخر.
يفرغ المداد في الكتابة عن سيرة الشيخ زروق رحمه الله ولا يؤدّى حقه ، ونكتفي بما انقضى من الحديث عنه، ونختتم سيرته بذكر أسماء بعض تلاميذه: سيدي الشيخ إبراهيم الفحام و سيدي الشيخ عبد السلام الأسمر وليّ زليتن، والشيخ شمس الدين اللقاني المصري، والشيخ محمد علي الخروبي الولي الطرابلسي الشهير، وأبو حفصى عمر ألوزاني عالم الجزائر الشهير ، والشيخ أحمد بن يوسف الراشدي المصلح المشهور، وأبو راوي الفحل وليّ سوسة، وإبراهيم الخياط اليمني وكثير غيرهم ، ولم يقتصر تأثير الشيخ على تلاميذه، بل تعداه إلى تلاميذهم و تلاميذ تلاميذهم وهلم جرا، وفيما يلي باقة من أقوال الصالحين في الشيخ رحمه الله:
- " أنا دعوة زروق " أبو حفصى الوازني
- " إنه رأس السبعة الأبدال " محمد الزيتوني
- " الجامع بين الشريعة والحقيقة " قالها الكثير من العلماء
- " الولي الصالح المتبرك به حياً وميتا القطب " نور الدين الحسن اليوسي
- " من ليس في قلبه محبة زروق، فليس بمؤمن" أبو راوي الفحل
- " كان زاهداً ، فاضلاً ، منقطعاً إلى الله سبحانه وتعالى ، عارفاً به دالاً عليه، له همة عالية ، تخرج عليه جماعة، وانتفع به الناس شرقاً وغرباً، وله بركات ظاهرة ، وكرامات باهرة في الحياة وبعد الممات " محمد بن خليل بن غلبون صاحب التذكار
- "حجة الله في أرضه، ارتفع صيته عند الخاصة والكافة ، فهو كعبة الزوار، وحرم الأنوار ، ومعدن الأسرار ، الحي في قبره ، يتشعر ذلك كل من له ذوق سليم ، وطبع مستقيم" الحسين بن محمد السعيد الشريف الورثيلاني الجزائري.
- " هو قمة من قمم التصوف " الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر
- " لله دره ما اعلمه بالطريق وما اتبعه للسنة" عبد الرحمن الفكون
ونختتم سيرة الإمام أحمد زروق رحمه الله بأبيات من قصيدة لبعض أهل المحبة في الشيخ:
آ زروق أهل الله في كل برهة ومأوى العفاة في اليسار وفي العسر
فلا زلت للإحسان أهلا وموطناً ومأوى الخصال الساميات لدى الدهر
عليكم من الرحمن أزكى تحية وأسمى مهابات إلى الحشر والنشر
وصلى الذي ولاك مجداً وسؤدداً على المنتقى المبعوث للسود والحمر
و آله والأزواج طراً وصحبه ذوي النجدة الفيحاء والسادة الغرّ

تذييل
الشيخ الزروق وتسلسل حديث المصافحة
ذكر الشيخ محمد سليمان الروداني وهو عالم جليل ولد ونشأ وتعلم في المغرب وجاور بالحرمين وتوفي بدمشق سنة 1094 في سنده لروايته لحكم بن عطاء الله كما ذكره في حديث المصافحة حيث قال : " وأبو عثمان المغربي صافح أيضا محمد الخروبي الطرابلسي ، وهو صافح سيدي أحمد زروق، وهو صافح الشمس السخاوي..." إلى أن وصل إلى " خلف بن تميم قال :" دخلنا على أبي هرمز نعوده، فقال : دخلنا على انس بن مالك نعوده فقال : صافحت بكفي هذه كف رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فما مسست خزاً ولا حريراً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال أبو هرمز فقلنا لأنس : صافحنا بالكف التي صافحت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصافحنا فما مسست خزاً ولا حريراً ألين من كفه، وقال: السلام عليكم. قال خلف فقلنا لأبي هرمز : فصافحنا بالكف التي صافحت بها أنساً فصافحنا ، فما مسست خزاً ولا حريراً ألين من كفه، وقال: السلام عليكم ، وهكذا مسلسلاً بهذا إلى الشيخ زروق".
ومن الفوائد التي يعطيها حديث المصافحة هذا هي :
1. شدة الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والتعلق به ابتداء من الصحابة والتابعين ومن اقتدى بهم من بعدهم تقديراً وحباً وتبركاً.
2. إن بين يد رسول الله صلى الله عليه وسلم الشريفة و يد الشيخ زروق خمس عشرة يداً، وهي منقبة تزاد في مناقبه.
3.مشروعية التبرك بآثار الصالحين.

المصادر
البستان في ذكر الأولياء و العلماء بتلمسان لابن مريم التلمساني
جمع وتصنيف ترجمة الزروق للمهندس / نبيل معين عساف


أبو عبد الله الشريف التلمساني


أبو عبد الله الشريف التلمساني



أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي الشريف الإدريسي الحسني ،العلوي ، الفاطمي ،المحمدي ، الهاشمي ،القرشي ،التلمساني ، المشهور في بلاد المغرب الكبير بالشريف التلمساني ،هو العالم الأصولي و الفقيه العلامة ،من كبار علماء بلاد المغرب الإسلامي في زمانه ،ومن أهل القرن الثامن الهجري ولد سنة 710 هـ - 1310 م بقرية العلويين إحدى قرى أعمال تلمسان.
كان لا يدافع عن نسبه و لا يلتفت إلى من يطعن فيه.

نسبه :
كما وجد بخط ابنه أبي محمد عبد الله الغريق أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن يحي بن علي بن محمد بن القاسم بن حمود بن علي بن عبد الله بن ميمون بن عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف .
نشأته :
نشأ الشريف التلمساني في أسره علم ،و دين ،و نسب ،و وجاهة ،كان والده أبو العباس أحمد بن علي من فقهاء منطقة تلمسان بزمانه ،ووجهائها ،و خاله عبد الكريم من أهل التقوى و الصلاح و اليسار ، حرص على تنشئته و تربيته تربيه علمية و دينية في حاضرة بني زيان ،و عاصمة المغرب الأوسط تلمسان ،مدينة العلم و الإشعاع الفكري في العصر الوسيط .
بعد أن أخذ من معين علماء بلدته ارتحل إلى فاس وتلقى عن شيوخها ، ثم إلى تونس ولقي هناك عدة من العلماء استفاد من علمهم ، عاد بعد رحلته العلمية إلى مدينة تلمسان وجلس لتدريس العلوم الشرعية و العقلية حتى ذاع صيته بين الأمصار والأقطار فالتف حوله طلبة العلم من شتى البقاع .
محنته و غربته :
عايش الشريف التلمساني ،الكثير من الفتن التي وقعت بين بني مرين ملوك فاس وبني زيان ملوك تلمسان ،و قد أخذه أبو عنان المريني إلى فاس في جملة من أهل تلمسان بعد أن دخلها و صارت تحت حكمه فوجد من ذلك غربة ووحشة وكان قد سجنه لأنه شهد على ودائع للسلطان الزياني أبي سعيد الذي كان مقربا منه و لم يخبر بها أبا عنان ، إلى أن سرحه بعد ذلك صاحب فاس الوزير عمر بن عبد الله سنة 759 هـ إلى تلمسان و صاحبها أبي حمو موسى الثاني الزياني فاحتفى به هذا الأخير و أكرمه و بنا له المدرسة اليعقوبية التي ظل يدرس بها حتى وفاته.
صفاته :
قال ابن مريم في البستان : "و كان من أجمل الناس وجها و أهيبهم و أنوار الشرف في وجهه باهرة وقورا مهيبا ذا نفس كريمة و همة نزيهة رفيع الملبس بلا تصنع سري الهمة بلا تكبر حليما متوسطا في أموره قوي النفس يسرد القول في أخلاقه مؤيدا بطهارة ثقة عدلا ثبتا سلم له الأكابر بلا منازع أصدق الناس لهجة و أحفظهم مروءة مشفقا على الناس رحيما بهم يتلطف في هدايتهم لا يألو جهدا في إعانتهم و الرفق بهم و حسن اللقاء و مواساتهم و نصح العام كريم النفس طويل اليد رحب الراحة يعطي رفيع الكساء الرقيقة و نفقات عديدة ذا كرم واسع و كنف لين و بشاشة وصفاء قلب "
أسرته :
تزوج الشريف امرأتين كانت الأولى شريفة من قرابته كما ذكر ابن مريم و كانت الثانية أميرة زيانية و هي ابنة السطان أبي حمو الثاني الزياني العبدوادي الزناتي ، و خلف ولدين كانا من أكابر علماء بلاد المغرب هما :
أبو محمد عبد الله الشريف المعروف بالغريق ولد بتلمسان سنة 748 هـ 1347م ومات غرقا بالبحر لدى عودته من الأندلس سنة 792 هـ 1389م.
أبو يحي عبد الرحمن الشريف ولد بتلمسان سنة 757 هـ 1356م و توفي بها سنة 826 هـ 1422م.

علمه و آثاره :
كان الشريف التلمساني رحمه الله من أكابر العلماء المجددين ببلاد المغرب و قد كان بارعا في الفلك و الحساب و المنطق و التاريخ و الهندسة و الفلاحة إلى جانب علمه الوفير بعلوم الدين من تفسير و حديث و أصول الدين و كان إمام المغرب الإسلامي بزمانه . ذكره جملة من العلماء و المؤرخين ممن عرفوه و عايشوه منهم العلامة ابن خلدون و ابن مرزوق الحفيد. ترك الإمام التلمساني مصنفات كثيرة أشهرها :
مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول
مثارات الغلط
شرح جمل الخونجي
كتاب في القضاء و القدر
كتاب في المعاوضات أو المعاطاة
و عدة مصنفات أخرى و رسائل و فتاوي

وفاته :
توفي الشريف التلمساني رحمه الله سنة 771 هـ (1370 م) و قال السلطان أبو حمو موسى الثاني الزياني لابنه عبد الله : "ما مات من خلفك إنما مات أبوك لي لأنني أباهي به الملوك" و دفن بالمدرسة اليعقوبية مع أبي يعقوب والد السلطان أبي حمو وعمه السلطان أبي سعيد و هو ما يعرف اليوم بجامع سيدي إبراهيم المصمودي بمدينة تلمسان .

العلامة الشيخ محمد العربي التباني (رضي الله عنه)


العلامة الشيخ محمد العربي التباني (رضي الله عنه)



العلامة، الفقيه و المؤرخ، الأديب، والمؤلف الشيخ محمد العربي بن التباني بن الحسين بن عبد الرحمن بن يحيى السطايفي الجزائري المدرس بالحرمين الشريفين المدني والمكي .

ولادته :

هو العلامة الشيخ محمد العربي بن التباني بن الحسين بن عبدالرحمن بن يحيى بن مخلوف بن أبي القاسم بن علي بن عبد الواحد. لُقب بالتباني نسبة إلى أصوله التي تعود إلى أولاد تبان وهم بطن من المرتفع من الأثبج الهلاليين. ولد بمنطقة أولاد تبان بسطيف ،الجزائر ، سنة 1315هـجرية ، (حوالي 1897-1898 ملادية ) .

الدراسة والشيوخ :

تلقى تعليمه الأوّلي في كتّاب قريته حيث حفظ القرآن الكريم وعمره اثنا عشر عاماً، وحفظ معه بعض المتون كالأجرومية والعشماوية والجزرية. وقد تلقى هذه العلوم وهو في كفالة والده. ثم تلقي مبادئ العقائد والنحو والفقه على عدة مشايخ من أجلهم الشيخ عبدالله بن القاضي اليعلاوي رحمه الله تعالى. وبعد ذلك رحل إلى تونس ومكث بها أشهراً تلقى أثناءها دروسا في جامع الزيتونة المشهور في الفقه والنحو والصرف ودروسا في علم التجويد أداء وقراءة عبر نظم الجزرية مع حفظه لبعض المتون الأخرى غير التي حفظها في الجزائر. ثم رحل إلى المدينة المنورة قبيل الحرب العالمية فأدرك فيها مشايخ أجلاء لازم دروسهم، ومنهم الحافظ العلامة أحمد بن محمد خيرات الشنقيطي التندغي، وقرأ عليه مختصر خليل، والرسالة البيانية وسيرة ابن هشام والمعلقات السبع وديوان النابغة وسنن أبي داود.
ولازم أيضاً دروس العلامة حمدان الونيسي القسنطيني الجزائري (ت 1338 هـ /1920م) فقرأ عليه تفسير الجلالين و ألفية ابن مالك بشرح ابن عقيل.
ومن مشايخه أيضاً: الشيخ عبد العزيز التونسي (ت 1336 / م) حيث قرأ عليه قسماً من موطأ الإمام مالك بشرح الزرقاني، وقطعة من ألفية ابن مالك بشرح الأشموني. كما قرأ على قاضي قرية شنقيط المعلقات السبع ونظم أنساب العرب للحافظ البدوي الشنقيطي.
لينتقل بعد ذلك إلى المدينة المنورة حيث لازم فيها كبار العلماء و على رأسهم علماء مذهب إمام أهل المدينة الامام مالك، ومنهم:

العلامة أحمد بن محمد خيرات الشنقيطي التندغي (ت )
قرأ عليه شرح الشيخ الدردير على مختصر خليل بن اسحاق، والرسالة البيانية، وسيرة ابن هشام والمعلقات السبع وديوان النابغة وسنن أبي داود.
محمد محمود الشنقيطي
ثم رحل إلى دمشق حيث اغتنم إقامته بها لزيارة المكتبة الظاهرية ولا نعرف إن كان درس بها على علمائها.
بعد ذلك قصد أم القرى مكة المكرمة التي دخلها في شهر رجب عام 1336 هـ. وفيها أخذ عن:


عبد الرحمن الدهام (ت 1337 / م) قرأ عليه شرح شيخ الإسلام زكريا الأنصاري.
الشيخ مشتاق أحمد الهندي (ت )

كما كان مشهورا بحب المطالعة، إذ تمكن من ختم قراءة الكثير من الكتب.

التدريس :

عين مدرسا بمدرسة الفلاح بمكة المكرمة سنة 1338 / م. وبالموازاة مع وظيفته الرسمية كان يدرس بالحرم المكي الشريف بباب الزيادة ثم بحصوة باب العمرة "بين بابي الباسطية والزيادة"، بين المغرب والعشاء، خمس ليال في الأسبوع بداية.
ثم اختصر دروسه على ليلتي الجمعة والسبت في الحرم المكي حيث كان يدرس الجامع الصغير للحافظ السيوطي والسيرة. كما كان يدرس في منزله لكبار الطلبة يومياً.

كان يدرس الحديث والتفسير والأصول والبلاغة والتاريخ الإسلامي. معتمدا على العديد من أمهات الكتب و الأصول، كموطإ الامام مالك، والصحيحين والجامع الصغير للسيوطي في الحديث، و تفاسير البيضاوي والنسفي وابن كثير في تفسير القرآن العظيم، وجمع الجوامع وسيرة ابن هشام وعقود الجمان، الخ.
وللشيخ العربي التباني (رضي الله عنه) رأي في التأليف حيث جاء في حاشية كتابه (محادثة أهل الأدب بأخبار وأنساب جاهلية العرب)، قال: لا أميل إلى التأليف عملا بنظرية القائل ما ترك الأول للآخر شيئا..ً ثم قال: أستغفر الله من أن أقول هذا هضماً لحقوق العلماء الشارحين فإنهم عندي بالمكان الأعلى من التوقير والاحترام وما من شرح وحاشية إلا وفيه فوائد، ولكن أقول هذه الكثرة لم تنتج شيئاً يقارب علم الأقدمين فضلاً عن مساواته.

تلاميذه :

تخرج على يديه تلاميذ كثيرون أصبحوا بعده قناديل تضيء ساحات الحرم المكي ، منهم:
علوي بن عباس المالكي
محمد نور سيف بن هلال
محمد أمين كتبي
محمد علوي المالكي
حسن مشاط


مؤلفاته :

من بين كتبه المطبوعة:

1 _ إتحاف ذوي النجابة بما في القرآن الكريم والسنة النبوية من فضائل الصحابة
2 _ تحذير العبقري من محاضرات الخضري
3_ اعتقاد أهل الإيمان بنزول المسيح بن مريم عليه وعلى نبينا السلام آخر الزمان
4_ خلاصة الكلام فيما هو المراد بالمسجد الحرام
5_ إسعاف المسلمين والمسلمات بجواز القراءة ووصول ثوابها إلى الأموات
6_ تنبيه الباحث السري إلى ما في رسائل وتعاليق الكوثري
7_ براءة الأشعريين من عقائد المخالفين
8_ محادثة أهل الأدب بأخبار وأنساب جاهلية العرب


كما له بعض الكتب المخطوطة:

1_ حلبة الميدان ونزهة الفتيان في تراجم الفتاك والجشعان
2_ براءة الأبرار ونصيحة الأخبار من خطل الأغمار
3_ مختصر تاريخ دولة بني عثمان
4_ إدراك الغاية من تعقب ابن كثير في البداية


وفاته :

توفي في صفر 1390 هـجري/أبريل 1970ميلادي بمكة المكرمة، وصلي عليه بالمسجد الحرام ودفن بمقابر المعلاه .




الشيخ محمد أمقران بن مالك (رحمه الله)

الشيخ محمد أمقران بن مالك (رحمه الله)



ينحدر الشيخ محمد أمقران بن مالك (رحمه الله) من قرية "إيغيل نايت مالك" التابعة لبلدية بني ورثيلان شمال سطيف ، اشتهر بعلمه والنافع ، ودوره المشهود في الإصلاح الديني ، ترعرع بين أحضان العلماء والفضلاء ، يذكر ان المرحوم كان له علاقة طيبة مع العقيد عميروش الذي التقى به في مدرسته ،بقلعة بني عباس الذي كان يزورها كثيرا ، والذي لازمه الى غاية استشهاده .
التقى الشيخ محمد أمقرن بن مالك بنخبة من العلماء من بينهم ،محمد الغزالي وغيرهم ...

توفي الشيخ محمد أمقران بن مالك (رحمه الله) أمام مسجد أبا ذر الغفاري (رضي الله عنه) بلنقار بسطيف عن عمر يناهز 94 سنة بعد صراع طويل مع المرض ، يوم 29 من شهر أبريل سنة 2014 ميلادي الموافق ليوم 29 جمادى الثاني عام 1435 هجري ،(رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته)

الشيخ محمد بن الصالح حمر العين (رضي الله عنه)

الشيخ محمد بن الصالح حمر العين (رضي الله عنه)




وُلِد الشيخ محمد صالح حمر العين (رحمه الله) سنة 1926ميلادي ،عام 1344 هجري ، في قرية أولاد حمر العين، قرب بلدية بني عزيز بولاية سطيف. نشأ في بيئة علمية، إذ كان لعائلته شرف تأسيس زاوية ''العين'' التي تداول عليها جموع طلبة العلم من كلّ الأقطار، ومنهم ، عمّه ،وأخوه ،وأبوه ،الذين كانوا أقطابا كذلك في العلم. كما كانت أمّه فقيهة، درس ابنها على يدها أصول العقائد.
وقبل ذلك حفظ القرآن الكريم وعمره ثلاثة عشر عامًا، ودرس الفقه والنّحو والصرف والبلاغة والمنطق والحساب والفلك.. على يد مشايخه: بن عمارة الزلاجي، علي بن كسيرة، موسى بن كسيرة، عمر صباح الخلفاوي، الحسين بن قارة وغيرهم.
ولمّا اندلعت الثورة المباركة اضطر إلى مغادرة منطقة القبائل الّتي كان يُدرِّس فيها علوم الدِّين واللغة العربية، والتحق بالثورة عضوًا في لجنة قضائية تابعة لجيش التحرير الوطني ، وكان مقرّبًا من الى الكثير من العلماء ، وصديقًا لأغلبية شيوخ الزوايا في منطقة سطيف .
كان عالماً فاضلاً ،محباً للخير وأهله ،عاشقاً لآل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذريتهم .
بعد الاستقلال وظّف في التعليم مدة من الزمن ، وفي آخر حياته درس مجموعة من طلبة العلم ،الفقه المالكي ،كما أخذوا عنه دروساً في العقيدة الأشعرية ،وكان الفقيد (رحمة الله عليه) أضبط أهل سطيف لمذهب الإمام مالك، حتّى أن الأساتذة الجامعيين المختصين في الشريعة يلجأون إليه لفك المعضلات. ولم يترك الشيخ (رحمه الله) أيّ تأليفات سوى كتاب بإلحاح من تلامذته في شرح الآجرومية الذي كان يلقيه تباعًا في مسجد الشيخ المقراني بحي ''راسيدور''، زيادة على أنّ له شعرًا كثيرًا ضاع على مرّ الزمن .

توفي فضيلة الشيخ محمد صالح حمر العين (ضي الله عنه) وهو أحد أبرز علماء منطقة سطيف وفضلائها الأجلاء ، وهو العالم اللّغوي ، والفقيه ، والشاعر ، يوم الأربعاء 27 رجب سنة 1432هـجري ، الموافق لـ29 جوان عام 2011 ميلادي، عن عمر يناهز 85 . ويعود للشيخ الفضل البارز على كثير من أئمة وطلبة العلم بمدينة سطيف، ولايكاد أحدهم يجهل قيمته العلمية، بل درس أغلبهم على يديه صنوف العلم. فكان شارحًا للعديد من المراجع من أمهات الكتب مثل: الجوهرة، والرحبية والآجرومية ،وقطر الندى ،وألفية ابن مالك ،ومتن ابن عاشر ،ورسالة ابن أبي زيد ،ومختصر خليل.
و شُيِّعت جنازة الفقيد (رحمه الله) ، بمقبرة سيدي الخَيِّر (رحمه الله) ، مع العلم بأنّ أحد تلامذته القاطن بفرنسا تجشّم عناء السفر والحضور مراسم الجنازة ،(رحمه الله رحمة واسعة وألهمه فسيح جنانه)