الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رضي الله عنه)

الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رضي الله عنه)




الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رحمه الله) ، من كبار علماء دين في الجزائر ، مفكر ، فقيه ،ومتكلم ، ومن العلماء الذين خاضوا تجربة التفسير أو ألقوا بأنفسهم في بحره الذي لاساحل له ورجعوا بدُرره ولآلئه ،ملآ بروحه وبعاداته ما يسر لهم الطفو فوق النقائض والأنقاض ، والعلو على المشارب والإتجاهات ،وعلى الأحزاب والتيارات ،وتقريب الحاضر من الماضي ،تثبيتا للمبادئ ،وترسيخا للمثل ، واستدعاء الماضي الى الحاضر ،في صورة استعاب وتمثل ،وفي شكل استدراك وتمدد إن على مستوى الشكل ،وان على مستوى المعنى تحقيقاً لسعة القرآن ورحابته ،وانجازاً لسنارهاته واستشرافاته ،أو استطلاعاته ونبوءاته .

هو من منطقة القبائل ، المعروفة بالزوايا العلمية العريقة ، والمشهورة بدورها التعليمي ،والتربوي ،وتوعوي ،البارزة بنشاطها الإجتماعي من خدمة المستضفين وايواء عابري السيبل ،وتربية اليتامى وتعليمهم ، والعامرة بالعلماء من فقهاء ومحدثدين ومتكلمين ومفسرين ومناطقة ولغويين ،يعتبره الجزائريون رمزا لهم ، شيد على مرقده الشريف مسجدا ،واقيمت به زاوية كبيرة ،لنشر المعارف الدينية ،ولايسعني إلا أن اشيد بمنطقة القبائل وبالجنس الأمازيغي الذي أبان خلالاً كريمة وخصلاً حميدة ،إن هؤلاء هم أكثر من خدمة اللغة العربية والدين الإسلامي الحنيف ،وثبتوا أوتاده في هذه الأرض الطيبة ،أكثر من ذلك استقبلوا آل البيت (رضي الله عنهم) ورحبوا بهم وحموهم حيث صاهروهم ارادة لإختلاط دمهم بدم هذا النسل الشريف وسيدوهم وملكوهم أمرهم ، ما أكرم هؤلاء الخلق وما أشرفهم ،وما أشد تعلقهم بالفضيلة ،إن منتهم على أهل هذه البلاد العظيمة ،وإن عطاءهم للإسلام ليسع ما بين السماء والأرض ،لله درهم ،اللهم أقدرنا على توفية هؤلاء الناس حقهم .

مولده :

ولد الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رضي الله عنه) سنة 786 هجري / 1384 ميلادي ، بوادي يسر بمدينة يسر ،الواقعة حاليا بولاية بومرداس ،و القريبة تبعد بخمس كيلومترات عن مدينة برج منايل شمال شرق الجزائر العاصمة ، حيث تبعد عنها بمسافة 62,3 كلم ، وهذه المدينة هي موطن آبائه وأجداده ،الثعالبة ، يقال عنهم ،أبناء ثعلب بن علي ، من عرب المعقل ،الجعافرة .

نسبه :

هو أبو زيد ،عبد الرحمان، بن محمد ،بن مخلوف ،بن طلحة ،بن عامر ، بن نوفل ،بن عامر ،بن موصور ،بن محمد، بن سباع ،بن مكي ،بن ثعلبة ،بن موسى ،بن سعيد ،بن مفضل ،بن عبد البر ،بن فيسي ،بن هلال ،بن عامر ،بن حسان ،بن محمد ،بن جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) المعروف بجعفر الطيار

النشأة والتكوين :

نشأ الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رحمه الله) في بيئة علم ودين وصلاح، استهل تعلمه على يدي علماء منطقته ،ثم انتقل و تكون في الجزائر العاصمة ،ثم قصد المغرب الأٌقصى ،بصحبة والده محمد بن مخلوف (رحمه الله) فتعلم أصول الدين وفروعه ،واهتم بعلم الفقه ، فأخذ عن العجيسي التلمساني ، المعروف بالحفيد ،وزار مدينة بجاية فمكث بها سنة ثم عاد إلى مسقط راسه بعد وفاة والده (رحمه الله) بعدها رجع الى مدينة (بجاية) فنزل بها سنة 802 هجري / 1399 ميلادي ، بقي بها حوالي السبع سنوات، و تعلم على أبو الحسن علي بن عثمان المانجلاتي ، وأبو الربيع سلمان بن الحسن ، وأبو العباس أحمد الناقوسي ، وأبو القاسم المشدالي ، وأبو زيد الوغليسي ، وغيرهم ،ثم هاجر إلى تونس سنة 809 هجري / 1406 ميلادي ، فتعلم على الأبي ، والبرزلي تلميذ بن عرفة ،ثم ارتحل إلى مصر ،سنة 819 هجري / 1414 ميلادي ،فلقي بها البلالي ، وأبا عبد الله الباسطي ، وولي الدين العراقي وغيرهم، بعدها انتقل إلى تركيا ، ومنها قصد الحجاز ،فأدى فريضة الحج ، واختلف إلى مجالس العلم هناك، ثم قفل راجعا إلى مصر ،واصل دراسته بها ، ومنها رجع إلى تونس مرة اخرى ، فوافى بها بن مرزوق الحفيد التلمساني، فلازمه وأخذ عنه الكثير ،ثم عاد بعد هذه الرحلة الطويلة في طلب العلم والمعرفة إلى الجزائر، فاهتم بالتأليف و صار يلقي دروسه بأكبر مساجد الجزائر آنذاك ، تخرج على يديه كثير من العلماء، من بينهم :

1- الشيخ محمد بن يوسف السنوسي
2- الشيخ أحمد الزروق
3- الشيخ محمد المغيلي التلمساني
4- الشيخ أحمد بن عبد الله الزواوي
5- الشيخ محمد بن مرزوق الكفيف
وغيرهم.

تولى القضاء زمنا قصيرا، ثم تركه لينقطع إلى الزهد والعبادة، كما قام بالخطابة على منبر الجامع الأعظم ،بالجزائر العاصمة ،ويروى أن من بقايا آثاره المتبرك بها إلى اليوم بهذا المسجد (مقبض عصى خطيب صلاة الجمعة)

آثاره العلمية :

كان معروفا عن الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رضي الله عنه) ، أنه عالم زمانه في القطر الجزائري ، في علوم التفسير، والعقيدة، والفقه، والتصوف النظري ، وغيرها من العلوم الدينية الأخرى ،و هو أحد أعلام القرن التاسع الهجري ،ذلك لأن الإنتاج الفكري للثعالبي انتشر في مختلف مكتبات العالم العربي والإسلامي ،عكف الشيخ عبد الرحمن الثعالبي ،على التدريس والتأليف، وكانت معظم مصنفاته في علوم الشريعة، وقد ترك في هذا الحقل ما يزيد على تسعين مؤلفا في التفسير والحديث والفقه واللغة والتاريخ والتراجم

وغيرها، نذكر من بينها :

-1- تفسيره الجواهر الحسان في تفسير القرآن في أربعة أجزاء، طبع أول مرة بالجزائر سنة 1909 ميلادي ،ثم طبع طبعة ثانية في السنوات الأخيرة بتحقيق الدكتور عمار طالبي .
-2- روضة الأنوار ونزهة الأخيار في الفقه .
-3- جامع الهمم في أخبار الأمم .
-4- جامع الأمهات في أحكام العبادات .
-5- الأربعين حديثا في الوعظ .
-6- جامع الأمهات للمسائل المهمات مخطوط بالمكتبة الوطنية بالجزائر وهو في الفقه .
-7- رياض الصالحين وتحفة المتقين في التصوف ،مخطوط بالمكتبة الوطنية الجزائر تحت رقم 833 .
-8- وله مخطوطات في التوحيد ،واللغة ،والفقه ،في تنبكتو بمالي (النيجر القديمة) الشاوي التاريخي .
-9- الدر الفائق، والأنوار المضيئة بين الحقيقة والشريعة ،و يعنى بالتربية الروحية، وحقيقة الذكر .

وكان الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (رحمه الله) ، مشارك في الصناعتين: يقرض الشعر ،ويكتب النثر، ومن شعره في الوعظ والزهد قوله :
و إن امرؤ أدنى بسبعين حجة * جديــر بأن يسعى معدا جهازه
و أن لا تهز القلب منه حوادث * و لــكن يرى للباقيات اهتزازه
و أن يسمع المصغى إليه بصدره * أزيزا كصوت القدر يبدي ابتزازه
فماذا بعد هذا العمر ينتظر الذي * يعمره في الدهــر إلا اغتراره ؟
وليس بدار الذل يرضى أخو حجى * ولكن يرى أن بالعزيـز اعتزازه

تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن :

لقد تأثر العلامة الثعالبي (رحمه الله) في تفسيره بمصادر مشرقية، كما تأثر بمصادر مغربية وأندلسية، فجاء تفسيره مزيجا بين الفكر المشرقي والفكر المغربي، حيث ضمنه المهم مما اشتمل عليه تفسير ابن عطية، وزاده فوائد من غيره من كتب الأئمة، حسبما رآه أو رواه عن الأثبات، وذلك قريب من مائة تأليف، وما منها تأليف إلا وهو منسوب لإمام مشهور بالدين، ومعدود في المحققين.

و الشيخ الثعالبي (رحمه الله) من بين المفسرين الجزائريين البارزين .

من أقواله :

يقول الثعالبي (رحمه الله) في كتابه الجامع الذي ذيل به شرحه لمختصر ابن الحاجب الفرعي ما نصه ،وينبغي لمن ألف أن يعرف بزمانه وبمن لقيه من أشياخه ،فيكون من يقف على تأليفه على بصيرة ،من أمره ويسلم من الجهل به ،وقد قل الاعتناء بهذا المعنى ،في هذا الزمان ،وكم من فاضل انتشرت عنه فضائل ،جُهل حاله بعد موته ،لعدم الاعتناء بهذا الشأن .
وقال عنه الشيخ أبو زرعة العراقي: الشيخ الصالح الأفضل الكامل المحرر المحصل الرحال أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي» ووصفه العلامة عيسى بن سلامة البسكري: «بالشيخ الصالح الزاهد العالم العارف أبو زيد عبد الرحمن الثعالبي»، وقال عنه تلميذه الشيخ أحمد بن زروق المتصوف المشهور الذي له تآليف عديدة في التصوف والفقه منها ،شرحه لرسالة أبي زيد القيرواني في الفقه المالكي ،وشروحه العديدة للحكم العطائية وكتب اخرى : «كانت الديانة أغلب عليه من علمه»

وفاته :

توفي يوم الجمعة 23 رمضان 875 هجري ، وفي منتصف شهر مارس سنة 1471 ميلادي ،ودفن بالجزائر العاصمة ،وشيد مسجد جامع على مرقده الشريف ، واقيمت زاوية علمية كبيرة بجانب ضريحه لنشر المعارف الدينية.
وقد رثاه كثير من العلماء من معاصريه، كان من بينهم تلميذه أحمد بن عبد الله
الزواوي (رضي الله عنه) :
لقد جزعت نفسي بفقد أحبتي * وحق لها من مثل ذلك تجزع
ألمّ بنا ما لا نطيق دفاعـــه * وليس لأمر قدر الله مرجع

الشيخ محمد الطاهر بن عاشور (رحمه الله)

الشيخ محمد الطاهر بن عاشور (رحمه الله)



الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ،هو : عالم وفقيه ،ومفسر تونسي ،من كبار علماء المغرب الإسلامي (المغرب العربي) ، ينتمي الى أسرة علمية عريقة ،منحدرة من الأندلس ، ترجع أصولها إلى أشراف المغرب الأدارسة تعلم بجامع الزيتونة ثم أصبح من كبار أساتذته ،تتلمذ علىه كبار علماء المغرب العربي ،برز في عدد من العلوم ونبغ فيها ، كعلوم الشريعة والحقيقة ، واللغة والأدب ، وكان متقنا للُّغة الفرنسية ، وعضواَ مراسَلاً في مجمع اللغة العربية في دمشق والقاهرة ، تولى مناصب علمية وإدارية بارزة كالتدريس ، والقضاء ، والإفتاء ، وتم تعيينه شيخاً لجامع الزيتونة .
ألف عشرات الكتب في التفسير ، والحديث ، والأصول ، واللغة ، وغيرها من العلوم ، منها تفسيره المسمَّى : " التحرير والتنوير" ، و" مقاصد الشريعة " ، و" كشف المغطا من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطأ " ، و" أصول الإنشاء والخطابة " ، و" النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح " ، وغيرها من الكتب النافعة .

ولد في تونس سنة (1296) هـجري قمري ، الموافق (1879) ميلادي ، وهو من أسرة متدينة محافظة ،أنجبت الكثير من العلماء ،والشيخ محمد طاهر بن الصادق بن عاشور ،مالكي المذهب ،أشعري العقيدة ، جنيدي السلوك .

كان على موعد مع لقاء الشيخ محمد عبده (رحمه الله) في تونس عندما زارها هذا الأخير في رجب سنة 1321 هـجري الموافق ل 1903 ميلادي . سمي حاكما بالمجلس المختلط سنة 1909 ميلادي ثم قاضيا مالكيا في سنة 1911 ميلادي ، ارتقى إلى رتبة الإفتاء وفي سنة 1932 ميلادي ،اختير لمنصب شيخ الإسلام المالكي، ولما حذفت النظارة العلمية ،أصبح أول شيخ لجامعة الزيتونة ،وأبعد عنها لأسباب سياسية ،ليعود إلى منصبه سنة 1945 ميلادي ،وظل به إلى ما بعد استقلال البلاد التونسية ،سنة 1956. ميلادي ،من أشهر أقرانه الذين رافقهم في جامعة الزيتونة: شيخ الأزهر الراحل محمد الخضر حسين، وابنه محمد الفاضل بن عاشور ،كان بدوره من كبار علماء الدين البارزين في تونس والمغرب العربي .

آثاره (مؤلفاته) :

* التحرير والتنوير، تفسير القرآن
* كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطأ
* النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح
* قصة المولد النبوي الشريف
* مقاصد الشريعة الإسلامية
* تحقيقات وأنظار في القرآن والسنة
* التوضيح والتصحيح (أصول الفقه)
* حاشية التوضيح والتصحيح لمشكلات كتاب التنقيح (جزآن)
* أصول الإنشاء والخطابة
* موجز علم البلاغة
* أليس الصبح بقريب
* أصول النظام الاجتماعي في الإسلام
* الوقف وأثره في الإسلام
* نقد لكتاب الإسلام ونظام الحكم
* شرح لمقدمة المرزوقي لشرح ديوان الحماسة
* شرح قصيدة الأعشى
* شرح ديوان النابغة
* ديوان بشار، مقدمة وتحقيق
* الواضح في مشكلات شعر المتنبي لأبي القاسم الأصفهاني (تحقيق)
* قلائد العقيان في محاسن الأعيان للفتح بن خاقان القيسي (تحقيق)
* سرقات المتنبي ومشكل معانيه لإبن بسام النحوي (تحقيق)

وفاته :

توفي في تونس يوم 13رجب 1394 هـجري / 12 أغسطس 1973 ميلادي، عن عمر يناهز الـ (98) عاماً .

أقول العلماء فيه :

قال عنه صديقه الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر رحمه الله : " وللأستاذ فصاحةُ منطقٍ ، وبراعةُ بيانٍ ، ويضيف إلى غزارة العلم وقوّة النظر : صفاءَ الذوق ، وسعة الاطلاع في آداب اللغة ... كنت أرى فيه لساناً لهجته الصدق ، ... وهمَّةً طمَّاحة إلى المعالي ، وجِداً في العمل لا يَمَسه كلل ، ومحافظة على واجبات الدين وآدابه... وبالإجمال ليس إعجابي بوضاءة أخلاقه وسماحة آدابه بأقل من إعجابي بعبقريته في العلم" انتهى .

ووصفه محمد البشير ،قائلاً : " عَلَم من الأعلام الذين يعدّهم التاريخ الحاضر من ذخائره ، فهو إمام متبحِّر في العلوم الإسلامية ، مستقلّ في الاستدلال ، واسع الثراء من كنوزها ، فسيح الذرع بتحمّلها ، نافذ البصيرة في معقولها ، وافر الاطلاع على المنقول منها ، أقْرَأ ، وأفاد ، وتخرَّجت عليه طبقات ممتازة في التحقيق العلمي" انتهى .


الشيخ محمد الشريف قاهر (حفظه الله) :

الشيخ محمد الشريف قاهر (حفظه الله) :




الشيخ محمد الشريف قاهر (حفظه الله) عالم دين جزائري ، من مواليد سنة 1933 ميلادي ، 1352 هجري ، وهو واحدا من كبار فضلاء الجزائر ، فقيه ،ومتكلم ،أديبٌ ومؤلف، درس على عدد من فضلاء الجزائر ،كما درس خارج أرض الوطن، من بين شيوخه الذين درس عليهم ، العلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور (رحمه الله) ،والفقيه الجزائري ، الشيخ محمد الطاهر آيت علجت (حفظه الله) ،حصل على اجازة في تدريس الشريعة من جامع الزيتونة بتونس ،كما حصل على اجازة في الفتيا على المذهب المالكي ،وحصل على العالمية في الأدب الأندلسي من جامعة بغداد ، كان واحدا ممن ندبهم العقيد عميروش لتعلم العلوم الدينية ، حيث يقول بأنه في 1957 ميلادي ، 1376 هجري ، بعد حصوله على العالمية من الزيتونة : اتصلنا بجبهة التحرير الوطني، لأجل الدخول إلى أرض الوطن، فسمح لنا بالاجتماع بالعقيد عميروش بمنطقة ''إيغيل تالة''، والذي رفض التحاقنا بجيش التحرير، وقال لنا بالحرف الواحد: ''أنتم طلبة العلم وعلماء الدين، مهمتكم بعد الاستقلال السير بالجزائر إلى بر الأمان'' .

وفي عام 1962 ميلادي ،1382 هجري ، بعد عودته إلى الجزائر وشروعه في التدريس في الثانويات وعدد من المعاهد الجامعية، كان الشيخ محمد الشريف قاهر (حفظه الله) من مؤسسي جمعية القيم ، وفي 1972 ميلادي ، 1392 هجري ،عاد إلى الجامعة واشتغل بالتدريس في جامعة الجزائر ،ثم مديرا لمعهد أصول الدين ،وأستاذا في المدرسة العليا للقضاء ، وألف عددا من الكتب في الفقه ،والأدب والسيرة ، كما شارك في كتاب "مشاهير المغاربة" ضمن لجنة البحث التابعة لجامعة الجزائر.

شارك في أكثر من عشرين من ملتقيات الفكر الإسلامي ،التي نظمتها وزارة التعليم الأصلي والشؤون الدينية ، كما شارك في الملتقيات الدولية التي عقدها المجلس الإسلامي الأعلى منذ 1998ميلادي إلى يومنا هذا، بالإضافة إلى المشاركة الدائمة في المناسبات الدينية والوطنية ، وكان له حضور إعلامي، كحلقات المذاهب في إذاعة القرآن الكريم، وإذاعة القناة الثانية بالأمازيغية .

له حضور متميز في كل الملتقيات داخل الوطن وخارجه، ومشاركة إيجابية بعشرات المقالات في الجرائد والمجلات.

حفظه الله ورعاه،وسدد خطاه ،وأمد عمره بالصحة والعافية، وأدام بركاته علينا


الشیخ محمد الفاضل بن عاشور (رحمه الله)


الشیخ محمد الفاضل بن عاشور (رحمه الله)
 
 


الشيخ محمد الفاضل بن عاشور (رحمه الله) ،من علماء المغرب العربي ،تونسي الوطن ، مالكي المذهب ،أشعري العقيدة ، جنيدي السلوك ، أحد أهم علماء الدين الذين عرفتهم تونس والمغرب الإسلامي (العربي) ،في القرن العشرين ، ولد في مدينة تونس ، وذلك يوم 2 شوال سنة 1327 هـجري قمري ،الموافق لـ / 16 ( أكتوبر /تشرين الأول ) سنة 1909 ميلادي ،في بيت علم وأدب ،تربى في كنف والده الشيخ محمد الطاهر بن عاشور (رحمه الله) وهو من كبار العلماء في تونس والمغرب الإسلامي (المغرب العربي) ،نشأ في أسرة متدينة معروفة بحبها للعلم ،التحق بجامع الزيتونة ، ودرس على شيوخها ،وحصل على اجازة في التدريس ،كان من خيرة مدرسي جامع الزيتونة ،بعد الاستقلال ، أسندت إليه عمادة كلية الشريعة وأصول الدين في جامعة الزيتونة ،كان الشيخ محمد الفاضل بن عاشور (رحمه الله) خطيباً مفوّهًا، يشد سامعيه إليه شدا، وقد برز خاصة في الأربعينات في الأنشطة الداعمة للقضية الفلسطينية ، ترأس الشيخ محمد الفاضل بن عاشور (رحمه الله) الجمعية الخلدونية، وأراد أن يرتقي بالتعليم فيها من خلال تأسيس "معهد الحقوق العربي" و"معهد الفلسفة" ، سافر الشيخ محمد الفاضل بن عاشور (رحمه الله) ،في مهمات علمية إلى خارج تونس، وألقى محاضرات عديدة في عدد من الجامعات الأجنبية من بينها جامعة السوربون بباريس، وجامعة إستانبول في تركيا، وجامعة عليكرة في الهند، وجامعة الكويت. كما زار عدة بلدان من بينها الجزائر ومصر وسوريا ولبنان وإيطاليا وسويسرا والمغرب الأقصى وليبيا وألمانيا والنمسا واليونان ويوغسلافيا السابقة وبلغاريا...

نسبه :

هو الشيخ محمد الفاضل ،بن محمد الطاهر ،بن الصادق عاشور ، ينتمي الى اسرة علمائية معروفة ،ومشهورة في العالم الإسلامي ،والده صاحب تفسير _ التحرير والتنوير _وهو من كبار علماء المغرب الإسلامي (المغرب العربي) .

نشأته :

تربى في أحد بيوت الدين والعلم، إذ كان والده محمد الطاهر بن عاشور ،من كبار العلماء في تونس والمغرب العربي ،ان لم نقل من كبار علماء العالم الإسلامي ، وفي هذا المعنى يقول الفاضل بن عاشور: "ونشأت في ظل العناية المتوافرة من والدتي ووالدتها ووالدها ووالدي ووالده ووالدته والجدة الكبرى جدة والدي ووالدتي معا". بدأ حفظ القرآن العظيم ،وهو في الثالثة من عمره، أكمل حفظه ، عندما بلغ التاسعة من عمره ، كما حفظ بعض المتون في النحو والصرف ومقدمات اخرى ، ثم تعلم اللغة الفرنسية ، وفي سنة 1922 ميلادي ،بدأ دراسة مبادئ القراءات والتوحيد والفقه وعلمي النحو والصرف ، ثم التحق بجامع الزيتونة فدرس به إلى أن تحصل على شهادة التطويع سنة 1347هـ/1928م).

الوظائف التي تقلدها :

التحق الشيخ محمد الفاضل بن عاشور (رحمه الله) ، للتدريس بجامع الزيتونة ،سنة 1351هـ/1932م. وارتقى سلم المدرسين الزيتونيين حتى سمي مدرسا من الطبقة الأولى ، وبعد الاستقلال (1956م)، أسندت إليه عمادة كلية الشريعة وأصول الدين في جامعة الزيتونة سنة 1381هـ/1961م واستمر بها إلى أن انتقل الى رحمة ربه ، كما اشتغل في مناصب قضائية من بينها أنه ترأس المحكمة الشرعية العليا، وتولى منصب مفتي الجمهورية التونسية .

بين القومية والوطنية :

كان الشيخ محمد الفاضل بن عاشور خطيباً مفوّهًا، يشد سامعيه إليه شدا، وقد برز خاصة في الأربعينات في الأنشطة الداعمة للقضية الفلسطينية وفي تنظيم الاحتفالات احتفاء بتأسيس جامعة الدول العربية، وقد جلب له هذا النشاط التقدير والاحترام والتأثير في الوسط الزيتوني ،وفي الساحة الوطنية، وهو ما هيأه لأن يترأس الاتحاد العام التونسي للشغل ،عند تأسيسه في 20 جانفي 1946، كما عين في الديوان السياسي للحزب الحر الدستوري الجديد. لكن لم يستمر في هذه المكانة إذ سرعان ما استبعد خوفا من تأثيره الكبير .

نشاطه العلمي :

ترأس الشيخ محمد الفاضل بن عاشور جمعية الخلدونية، وأراد أن يرتقي بالتعليم فيها من خلال تأسيس "معهد الحقوق العربي" و"معهد الفلسفة"، وعمل من أجل توجيه الطلبة التونسيين إلى المشرق العربي.

سافر الشيخ محمد الفاضل بن عاشور (رحمه الله) في مهمات علمية إلى خارج تونس، وألقى محاضرات عديدة في عدد من الجامعات الأجنبية من بينها جامعة السوربون بباريس، وجامعة إستانبول في تركيا، وفي الهند وجامعة عليكرة في الهند، وجامعة الكويت. كما زار عدة بلدان من بينها الجزائر ومصر وسوريا ولبنان وإيطاليا وسويسرا والمغرب الأقصى وليبيا وألمانيا والنمسا واليونان ويوغسلافيا السابقة وبلغاريا...

من أهم المؤتمرات التي شارك فيها مؤتمرات المستشرقين بباريس، كما أنه عضو في المجمع اللغوي بالقاهرة، ورابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، وعضو مراسل بالمجمع العلمي العربي بدمشق، ومجمع البحوث الإسلامية بمصر، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة .

من مؤلفاته

- الحركة الأدبية والفكرية في تونس، الدار التونسية للنشر، تونس، ط3، 1983.
- أركان النهضة الأدبية في تونس، مكتبة النجاح، تونس 1960.
- تراجم الأعلام، الدار التونسية للنشر، تونس 1970.
- المصطلح الفقهي في المذهب المالكي.
- أعلام الفكر الإسلامي في تاريخ المغرب العربي.
- التفسير ورجاله.

وفاته :

توفي بتونس يوم ( 12 صفر 1390 هـجري )(19 أفريل/19 نيسان1970ميلادي).


العلامة الشيخ عبد الرحمن الأخضري (رضي الله عنه)


العلامة الشيخ عبد الرحمن الأخضري (رضي الله عنه)
( 920 - 954 هـجري / 1512 - 1545 ميلادي )
 
 


من هو العلامة الأخضري :

الشيخ عبد الرحمن الأخضري ،بن محمد الصغير ، بن محمد ، بن عامر ،الأخضري البنطيوسي ،البسكري ، الجزائري المالكي ، الأشعري ، الجنيدي ،كان عالماً عاملاً ، وتقياً ورعاً ،وعابداً متبتلاً ، متين التدين ، زاهداً عن الدنيا ،تام العقل مهاب الهيئة ، حسن العشرة ،قنوعٌ باليسير لا يخاف في الله لومة لائم وقد أعرض عن الفتيا حين اختلاف الكلمة ،قضى معظم حياته في خدمة العلم وأهله ،لقب بفارس المعقول والمنقول ،وهو من أبرز علماء الجزائر في القرن العاشر الهجري ، لقد أطبقت شهرته الآفاق وغدت تأليفه تدرس في شتى حواضر العلم والمعرفة ،من بغداد ،إلى الأزهر بالقاهرة ، إلى الزيتونة بتونس ،الى جامع القرويين بفاس ،الى المدينة المنورة .... ،آخر محطاته كانت منطقة قجال ،تفرغ للتدريس بجامعها العتيق ، الكائن في منطقة ڤجال التابعة لولاية سطيف الجزائرية ،والتي تقع جنوب شرق مدينة سطيف ،كانت له خلوة يتعبد بها في مقبرة ڤجال قرب ضريح ،الشريف مسعود الڤجالي الحسني ،توفي في منطقة ڤجال ونقل جثمانه الطاهر الى منطقة بنطيوس الموجودة بولاية بسكرة والتي تقع جنوب شرق الجزائر ، ودفن بها ،له مؤلفات عديدة والكثير منها مخطوط لم يطبع بعد

المولد والنشأة :

- ولد الشيخ عبد الرحمن الأخضري (رضي الله عنه) سنة (920 هـ/ 1512 م) ببلدة بنطيوس التي تبعد عن بسكرة بحوالي ( 30 كم) في عائلة مؤمنة ،ملتزمة ،عرفت بالعلم والورع والتقوى ،والده العالم المدرس محمد الصغير وأخوه الأكبر أحمد الأخضري ،كان عالما ومدرسا أيضا ،أخذ عن كليهما الفقه ،وعلوم اللغة العربية ،وعلم المواريث ،بعد أن حفظ القرآن العظيم ،وأتقن رسمه وتلاوته ،انتقل الى منطقة قسنطينة فواصل دراسته هناك ،بعدها هاجر الى تونس فدرس بڤفصة ثم جامع الزيتونة بتونس العاصمة .

التعليم :

بدأ التعلم بمسقط رأسه بنطيوس فتعلم القراءة والكتابة ،وحفظ القرآن العظيم ،وأتقن رسمه وتلاوته ،وأخذ عن والده الشيخ محمد الصغير (رضي الله عنه) وعن أخيه الشيخ أحمد الأخضري (رحمه الله) علم الفقه ،وعلوم اللغة العربية ،وعلم المواريث ، انتقل الى منطقة قسنطينة فواصل دراسته هناك ، بعدها هاجر الى تونس فدرس بڤفصة ،ثم جامع الزيتونة بتونس العاصمة ،تعلم على أبي يحيى بن عقبة ، وعلى أبي عبد الله القلجاني ،ثم عن ولده عمر القلجاني وكذلك عن قاسم العقباني ...أكمل دارسته في علوم اللغة العربية كما درس علم المنطق ودرس الفقه واصوله والكلام والحديث والتفسير ودرس علم الحساب ،تفوق في دراسته وحصل على اجازات في التدريس والفتيا .

التدريس :

رجع الى وطنه الجزائر وشرع في التدريس ،فزكاة العلم نشره ، آخر محطاته كانت ڤجال ،حيث حط الرحال بها ومكث بجامعها العتيق ،الذي يعرف اليوم بزاوية ڤجال أو زاوية بن حمادوش ، درس هناك الى أن وافته المنية .

الشيخ عبد الرحمان الأخضري ،و زاوية قجال :

إن تردد الشيخ عبد الرحمن الأخضري (رحمه الله) على زاوية قجال ،لم يكن ، لولا هذه العلاقة الروحية والعلمية التي كانت تربطه بالمكان وأهله ،مما يؤكد على المكانة الكبيرة التي كانت تحظى بها هذه القرية الصغيرة ،بحجمها الكبير ، بقداستها الروحية والعلمية ،عند العلماء ،وسائر من تعلم فيها ،أو زارها ، أو عرف أهلها ، وفي الأمثال العامية التي كثيرا ما تتردد على ألسنة أهل قجال ما يؤكد ذلك ، يقول المثل : " قجال ما يخلى والعلم ما يخطيه " ويعكس بعض جهلة زماننا المثل فيقولون : "قجال ما يعمر والذل ما يخطيه "

عبادته :

نُقِل عن شيوخ زاوية قجال وعلمائها ، ومنهم الشيخ القريشي مدني (رحمه الله) ،كذلك نقل عن الشيخ الزبير بن حمادوش (حفظه الله) وهو من كبار شيوخ الطريقة الرحمانية في منطقة سطيف : أن الشيخ عبد الرحمن الأخضري (رضي الله عنه) ، كان عالما عاملا ،وتقيا ورعا وعابدا صوفيا ، يقضي نهاره في التدريس ،فإذا ما أقبل الليل أوى إلى " خلوته " التي تقع بالقرب من مقام سيدي مسعود الإدريسي الحسني القجالي (رضي الله عنه) ، يتعبد ،ويتحنث ،ويصلي أغلب الليل ،وقبل الفجر يعود إلى المسجد ،ليستأنف نشاطه اليومي في التدريس أو التأليف ، وقد تناقل طلبة جامع قجال ،خلفهم عن سالفهم أبياتا شعرية قيل أنها وجدت مكتوبة في كفن الشيخ عبد الرحمن الأخضري (قدس الله سره) ، وهي كما يلي منقولة عن الأستاذ عبد المجيد حمادوش كان قد سجلها له الشيخ القريشي مدني بخطه في كناشة خاصة :

والرواية لأحد شيوخ زاوية قجال

و يا رب فأكرمه بعفوك ليلــــــــة ... ويروح بها ضيفا لقبره منزلا
فأنت الذي أوجبت للضيف حرمــــة ... وأكدت عليه بالمواساة عاجلا
فهذا بضيف الخلق ،كيف بضيفــــك ... فأكرمه نزلا عند وقف الرواحل
وحين انقضاض الناس للحي راجعا ... وبسط راح الكف للّحد عاجــلا
بجاه النبي الهاشمي محمـــــد ... عليه صلاة الله مني موصــلا

مختارات من شعر العلامة الأخضري (رضي الله عنه) :
من شعره الجيِّد و هي رائعة في الحقيقة ،في مدح الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله سلم) في 169بيتا ، جاء فيها :

الحمد لله طولَ الدّهر و العُمرِ---- ثم الصّلاة على المختار من مُضَرِ
يا ثاقب النور ما أسناك من قمرٍ---- هل اّطلعت على ارضٍ بها وطري
الفيتَ صبَّ الهوى يوما بعلّته----جهلا بحُبٍّ لما في الجهل من ضررِ
يا سايح الطرف ما للطّرف سابحةٌ----تغدو البطاحَ و لا تشكو من الضّجر
قَلا الصَّبابةُ لي و العين قد فصلت---- --و ما وجدت لهذا العين من أثر
اني ابيت من الاشواق في كمد----و ما سئمت من التخميم و السهر
فليس مثلي من السُّهارِ من أحد-----كيف السآمة للعشاق من سهر
قد هب ريح الصَّبَا و القلب منه حدى----و عاد حال الصِّبَا في المهد من صغر
قف يا حمامُ على رُبعٍ شغفت به---- واحمل سلامي إلى الحبيب و اختبر
جاش الحمامُ خلال الدار محتفلا---- و خالف القلب في أشواقه النكر
لما رأيت حمام الدار سَطَحَهُ---- شوق التلاقي إلى الاوطان و الوكر
تضرم القلب من اشواقه كمدا---- و عدت مثل تريف العقل من سكر
غنّى حمامُ الهوى بالشوق مظطربا---- فأضرم القلبَ نارُ الوجد بالسحَرِِ
فالقلب مظطرم و الروح نائحة---- و البث يؤلمني فلحزن كالابر
و النفس مني لذيذُ العيش فارقها---- و اسلمت نومَها العينانُ في السهر
اشتد حالي فما دائي بمنكشِفٍ---- و لا سمعت عن المحبوب من خبر
و العين مني قد انهملّت مدامعُها---- جوفَ الدُّجى لِتريقَ الدمع كالمطر
يا عاذلَ الصَّب انَّ الحبّ قاهره----كيف الحبيب سرى في السَّمع و البَصَرِ
انّ الصَّبابة لا تخفى غوائلها----و امرها من قديم الدّهر و العَصْر
و كم محِّبٍ قديم الشوق جرَعَهُ----كأس الحِمامَ فما للعُمرِ ذا بَطَر
و القلب مني بنار الشوقِ مشتعلٌ---- ما زالَ قلبٌ شديد الحُزنِ منكسرِ
واهتزّتِ الرّوحُُ بالأشواق واظطربتْ---- واثَّرَالحُبُّ فيها أيّمَا أَثَرِ
ان قلت ايّ حبيبٍ قد شغفتَ به----أقول هذا حبيب الله في البشر
محمدٌ خيرُ منْ يمشي على قدمٍ---- خيرُ الوَرَى سيِّدُ الأملاكِ و النُّدُرِ
هذا محمدٌ المخصوصُ بالشّرَفِ---- من جاء بالرّوحِ و التوسيعِ و البِشْرِ
هذا المقرّبُ هذا المستغاثُ به----هذا شفيع الورى في الموقِفِ النّكِِرِ
هذا رسول كريمٌٌ ما له كفؤٌ---------
أزكى الخليقة ذو جيدٍ و مبتسمٍٍ---- أصفى من الذّهب الإبريز و الدّرر
يزهو بوجه كريم البِسْطِ مبتهجٌ----بالعفو ملتحفُ كالبدر منسفـرِ
متوّج برداء العز مكتَنفٌ------- بالحسن متّصف ٌأسنى من القمر
هو النّبيّ الذي جلّت محاسنه------و ما لبهجته مثل من الصـور
أكْرِمْ بآيةٍ ما أبدت أناملُه------من خيرِ ماءٍ لذيذِ الطَّعمِ مُنهَمِر
و الإنشقاقُ لهذا البدرِ منزِلةً-------على الكواكب ما أسناه من قمرِ
تأسَّف الجِذعُ إنكارًا لفُرقَتِه-------و حنَّ مثلَ حنِينِ الطَّرْفِ و الجزر
و آية الغار لا تخفى عجائبها-------لمَّا اقتفاهُ رِجَالُ الكُفْرِ في نَفرِ
و العنكبوتُ ببابِ الغارِ قد نسَجَت-------و في الحمامةِ آيةٌ لمعتَبِرِ
لما رأى خيفة الصديق قال له ------- الله معنا فلا تخشى من الضرر
و كم تمنى أبو بكر يرافقه -------- قد نال و الله ما يرجوه من وطر
يا فوزه قد حوى في الخلد منزلة ------- مع الرسول بدار البسط و السرر

مؤلفاته :

ألف الشيخ العلامة (الأخضري) في شتى المعارف العقلية منها والنقلية ،فقد ترك أثراً في علوم الشريعة ،والحقيقة ،والرياضيات ، والفلك ، وعلم المنطق ، وعلوم اللغة العربية .... ومن أشهر مؤلفاته: - السلم في المنطق ،الذي ترجمه المستشرق الفرنسي لوسيان ، سنة 1921 ميلادي وقد عده من أعظم الكتب العالمية

ومن مؤلفاته :

• مختصر الأخضري في العبادات، على مذهب الإمام مالك
• نظم الجواهر المكنون في ثلاثة فنون :في علم البلاغة والبيان و البديع
• حلية اللب المصون على الجواهر المكنون.
• منظومة الدرة البيضاء في الفرائض والحساب.
• أرجوزة. الدرة البيضاء في أحسن الفنون والأشياء.
• نظم السلم المرونق في المنطق .
• شرح السلم المرونق المذكور.
• نظم السراج في علم الفلك
• نظم منثور ابن آجروم الدرر البهية على نظم الاجرومية
• نظم أزهر المطالب في هيئة الافلاك و الكواكب في علم الاسطرلاب
• قصيدة مدح النبي خالد بن سنان
• شعرالقدسية و اللامية في التصوف

• قصيدة نصيحة الشبان جاء فيها:

أُوصيكُم معاشرَ الشُبان *** عيكم بطاعة الرحمان
اياكم ان تُهمِلوا أوقاتَكم .... فتَندمُوا يومًا على ما فاتَكُم
انما غانمة الإنسان شبابه.... و الخسر في التوان
و ما أحسن الطاعة للشُبان ....فاسعو بذكرِ الله ياخوان
و عمِّروا أوقاتَكم بالطاعة.... و الذِّكر كلَّ لحظةٍ و ساعة
ومن تَفتُه لحظةٌ في عمرهِ.... تكونُ عليه حسرةً في قبرِهِ
من يكن فرط في شبابه ... حتى مضى عجبت من تبابه
ويا سعادة امرئ قضاه .... في عمل يرضى به مولاه
أحب ربي طاعة الشباب .... يا فوزهم بجنة الرضوان
فتب إلى مولاك يا إنسان .... من قبل أن يفوتك الأوان
ومن يقل إني صغير أصبر .... ثم أطيع الله حين أكبر
فإن ذاك غره إبليس .... وقلبه مغلق مطموس
لا خير فيمن لم يتب صغيرا .... ولم يكن بعيبه بصيرا
لما رأى خيفة الصديق قال له .... الله معنا فلا تخشى من الضرر

وفاته ومدفنه :

توفي الشيخ عبد الرحمن الأخضري بقرية قجال وقد اختُلِف في تاريخ وفاته فمن قائل أنه توفي في(954هـجري/1545 ميلادي) ومن قائل أنه توفي في (983هـجري/1575ميلادي) فعلى الرأي الأول يكون قد عاش ثلاثا وثلاثين سنة وهو المرجح عند أغلب المراجع التي ترجمت للشيخ الأخضري (رحمه الله) وما زال أهل قجال إلى اليوم يتناقلون كرامة من كرمات الشيخ عبد الرحمن الأخضري ظهرت عند تشييع جثمانه من قبل طلبته الذين حملوا جثمان شيخهم على أكتافهم وتوجهوا به إلى موطنه ومسقط رأسه بالقرب من بسكرة لدفنه هناك تنفيذا لوصيته , فعند وصولهم إلى الحامة بوطالب أصابهم إعياء شديد فطلب بعضهم بدفنه حيث وصل بهم المسير والرجوع إلى قجال فرفض الطلبة الذين كانوا يتميزون بتعلقهم الشديد بشيخهم وإصرارهم على تنفيذ وصيته فقرروا مواصلة الرحلة إلى نهايتها ،فما الذي حدث بعد ذلك ؟ تقول الرواية : أما الفريق الأول من الطلبة فقفلوا راجعين إلى قجال ، وأما الفريق الثاني فحملوا الجثمان الطاهر وساروا به فطوى الله تبارك وتعالى ،لهم الأرض طيا ، حيث تمكنوا من تنفيذ وصية شيخهم ودفنه في بنطيوس والرجوع إلى قجال ؛فكان وصولهم قبل وصول الفريق الأول .